وله أيضا فيه: [البسيط]
كأنه حين أطويه وأنشره ... سير يلفّ على دوّامة الزّيق
وإن يقم قلت قثاة معنفقة ... أو عروة ركّبت في رأس إبريق
وله أيضا فيه: [البسيط]
أير ضعيف المتن رثّ القوى ... لو شئت أن أعقده لا نعقد
إن يمس كالبقلة في لينها ... فطالما أصبح مثل الوتد
وله أيضا فيه: [الطويل]
ينام على كفّ الفتاة وتارة ... له حركات ما يحسّ بها الكفّ
كما يرفع الفرخ ابن يومين رأسه ... إلى أبويه ثم يدركه الضّعف
الفنجديهي: سمعت الحافظ أبا جعفر المروزيّ يقول: مازحت شيخنا نجيب بن ميمون الواسطيّ يوما- وكان شيخا دمثا ظريفا- فقلت له: أخبرني هل بقي- من سلطان الهوى شيء؟ وهل نقوم للخدمة العكازة الميمونية؟ فقال: آه آه، ثم أنشد: [الطويل]
تعقّف فوق الخصيتين كأنّه ... رشأ على رأس الركيّة ملتفّ
كفرخ ابن ذي يومين يرفع رأسه ... إلى أبويه ثم يدركه الضعف
وأنشد أيضا: [البسيط]
يقوم في الليل عند البول منحنيا ... كأنه قوس ندّاف بلا وتر
ولا يقوم إذا نبّهته سحرا ... كما تقوم أيور الناس في السّحر
ثم بكى بكاء شديدا، وذكّرنا ووعظنا.
وهذه الأبيات المنسوبة لراشد بن إسحاق كلها من قصائد له مطوّلة في هذا الفنّ، وأكثر شعره فيه، وله فيه شعر كثير؛ ومنه انتزع الحريري قصيدته في هذه المقامة.
***
ثمّ إنه أعلن بالنحيب، وبكى بكاء المحبّ على الحبيب. ولمّا رقأت دمعته، وانفثأت لوعته، قال: يا نجعة الرّوّاد، وقدوة الأجواد، والله ما نطقتببهتان، ولا أخبرتكم إلّا عن عيان، ولو كان في عصاي سير، ولغيمي مطير؛ لاستأثرت بما دعوتكم إليه، ولما وقفت موقف الدّالّ عليه، ولكن كيف الطّيران بلا جناح، وهل على من لا يجد من جناح!
***