للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليبك أبا الخنساء بغل وبغلة ... ومخلاة سوء قد أضيع شعيرها

ومجرفة مطروحة ومحسّة ... ومقرعة صفراء بال سيورها

أخذه من قول زيد الخيل يرثي عبدا له: [السريع]

أمّا تعاورتك الرّماح فلا ... أبكيك إلا للدّلو والمرس (١)

وقد قدّمنا فصلا في التشاؤم بالأدب في قوله، فقد دهاني شؤمه وأثنى عليه هنا بقوله: تعسا لمن جدب الأدب، وطوبى لمنّ جدّ فيه وأدب

[[مما قيل في الأدب والأديب]]

ونذكر هنا فصلا مقنعا في مدحه، حسبما شرطنا من الجري معه على أغراضه. قال العلاء بن أيوب كان يقال: مثل الأديب ذي القريحة، مثل دائرة تدار من داخلها، فهي في كلّ دارة تدار تتّسع وتزداد عظما، ومثل الأديب غير ذي القريحة مثل دائرة تدار من داخلها، فهي عن قليل تبلغ إلى باطنها.

أوصى بعض الحكماء بنيه، فقال لهم: الأدب أكرم الجواهر طبيعة، وأنفسها قيمة، يرفع الأحساب الوضيعة، ويفيد الرغائب الجليلة، ويغني من غيره عشيرة، ويكثر الأنصار من غير رزيّة، فالبسوه حلّة، وتزيّنوا به حلّية، يؤنسكم في الوحشة، ويجمع القلوب المختلفة.

وقال شبيب بن شبّة: اطلبوا الأدب فإنه مادّة للعقل، دليل على المروءة صاحب في الغربة، مؤنس في الوحشة، حلية في المجلس.

وقال الخليل: من لم يكتسب بالأدب مالا اكتسب به جمالا.

وأنشد الأصمعيّ رحمه الله: [البسيط]

إن يك للعقل مولود فلست أرى ... ذا العقل مستوحشا من حادث الأدب

إني رأيتهما كالماء مختلطا ... بالتّرب تظهر عنه زهرة العشب

وقال عبد الملك لبنيه: عليكم بالأدب، فإنكم إذا احتجتم إليه كان لكم مالا، وإن استغنيتم عنه كان لكم جمالا.

ابن المقفع: إذا أكرمك الناس لمال أو لدنيا، فلا يعجبنّك، فإنّ تلك كرامة نزول


(١) يروى صدر البيت:
إمّا تقرّش بك السلاح فلا
وهو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص ١٠٥، ولسان العرب (قرش)، وجمهرة اللغة ص ٧٢١، ٧٣٢، وطبقات فحول الشعراء ص ٦١٠، والشعر والشعراء ص ٣٠٨، والكامل ص ٩٩٢، والأغاني ١٢/ ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>