الليث: تقول العرب: حمامة ذكر، وحمامة أنثى، والجميع الحمام.
الشافعي: كلّ ما عبّ وهدر فهو حمام، يدخل فيه القماري والوراشين؛ سواء كانت مطوّقة أو غير مطوّقة، آلفة أو وحشية، وهذا القول كأنّه الأكثر لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يأمر بأخذ الحمام التي تستفرخ في البيوت، وليست ذوات أطواق، وكان يسمّيها حماما، وكان في منزله حمام أحمر، اسمه وردان، وقد قدّمنا فصلا في الحمام في الصدر.
مخرق الرجل: أوهم أنه على حق وصواب، وهو على خلافه.
[[قصة مسيلمة الكذاب وسجاح التميمية]]
وأورد هنا في شرح تزويج مسيلمة بسجاح ما يبيّن سخف نبوتهما، وإن كان الحريري قد أشار إلى ذلك في هذه المقامة.
كان مسيلمة بن حبيب الحنفيّ، ثم أحد بني الدّبل، قد تسمّى بالرحمن في الجاهلية، وكان من المعمّرين.
ذكر وثيمة بن موسى أن مسيلمة تسمّى بالرحمن قبل أن يولد عبد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمّا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت قريش تقول: إنّما يعلّم محمدا رجل يقال له الرحمن، فنزلت وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ [الرعد: ٣٠] وكانت بنو تميم قد تخاذلت في أمر الرّدة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم واختلفوا في ذلك اختلافا شديدا، فبينما هم على ذلك إذ فاجأتهم سجاح بنت الحارث مقبلة من الجزيرة، تقود بني ربيعة. فأتاهم أمر كان أعظم ممّا هم فيه من الاختلاف، وكانت سجاح تميميّة وبنو أبيها في تغلب، وادّعت النبوّة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في الجزيرة، فاجتمعت عليها بنو تميم ورؤساء تغلب، فادّعت أنّها أنزل عليها. «يا أيّها المؤمنون المتقون، لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكنّ قريشا قوم يبغون». فاجتمعت تميم كلها تنصرها، فكان فيهم الأحنف وحارثة بن بدر ووجوه بني تميم، وكان مؤدّبها شبيب بن ربعيّ الرياحيّ، فقالت:«أعدّوا الركاب، واستعدوا للنّهاب، ثم اغدوا على الرّباب، فليس من دونهم حجاب». فصمدت إليهم، وقتلت فيهم قتلا كثيرا، ثم قالت لأجنادها: اقصدوا اليمامة، فقيل لها إن شوكة أهل اليمامة قويّة شديدة وقد غلظ أمر مسيلمة، فقالت:«يا معاشر تميم، اقصدوا اليمامة، فاضربوا فيها كل هامة، وأضرموا نارا ملهامة، حتى تتركوها سوداء كالحمامة»، وإنّ الله تعالى لم يجعل هذا الأمر في ربيعة- تعني نبوّة مسيلمة- وإنما جعلها في مضر، واقصدوا هذا الجمع، فإذا قصدتموه عكّرتم على قريش.
فسارت في قومها، وهم عدد لا يحصى، وبلغ مسيلمة الخبر، فضاق به ذرعا، وتحصّن في حجر حصن اليمامة، وأحاطت به جيوشها، فأرسل في وجوه قومه، وقال: ما ترون؟ قالوا: نسلّم هذا الأمر لها، فإن لم نفعل فهو البوار. فقال لهم بدهائه: