للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت: [الطويل]

* مطهّرة من كلّ رجس وباطل*

فقال: [الطويل]

* ففي عاجل الدنيا مديح ورفعة*

فقلت: [الطويل]

* وخير عظيم عاجل بعد آجل*

فقال: والله جئت بما في نفسي، ثم قال: [الوافر]

كأنّك كنت قد خامرت قلبي ... فجئت بما شفيت به الغليلا

رأيت براعة الإيجاز أشفى ... فصار كثير غيرك لي قليلا

وله: [البسيط]

العلم يذكي عقولا حين يصحبها ... وقد يزيدهما طول التجاريب

وذو التأدّب في الجهّال مغترب ... يرى ويسمع ألوان التّعاجيب

وكان صديق سليمان بن حبيب، وأنشده الشعراء، فتشاغل عنهم سليمان، فذكروا ذلك للخليل فكتب إليه: [الكامل]

لا تقبلنّ الشّعر ثم تعقّه ... وتنام والشّعراء غير نيام

واعلم بأنّهم إذا لم ينصفوا ... حكموا لأنفسهم على الحكّام

وجناية الجاني عليهم تنقضي ... وكلومهم تبقى على الأيّام

***

[[جرير بن عطية الخطفي]]

وأما جرير فهو ابن عطيّة بن الخطفي. شاعر من فحول العرب، واتّفقت العلماء على أنّ أشعر الإسلاميين جرير والفرزدق والأخطل، وأكثرهم على تفضيله عليهما.

وسأذكر لك شيئا من غزله وهجوه، نستدلّ به على منزلة شرفه في الشعر: ورأت أمه وهي حامل به كأنها ولدت حبلا من شعر أسود، فلما سقط جعل ينزو فيقع في عنق هذا فيخنقه حتى فعل ذلك برجال كثيرة، فانتبهت فازعة فأوّلت الرؤيا، فقيل لها: تلدين غلاما شاعرا ذا أسر وشدة وشكيمة وبلاء على الناس، فلما ولدته سمته جريرا، باسم الحبل الذي رأته، فهاجاه ثمانون شاعرا، فغلبهم.

وقال جرير: ما عشقت ولو عشقت لنسبت نسيبا تسمعه العجوز فتبكي على ما فاتها من شبابها. قالوا: وأرقّ ما جاء في النسيب قوله: [البسيط]

<<  <  ج: ص:  >  >>