للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقامة السّابعة والثلاثون وتعرف بالصّعديّة

حكى الحارث بن همّام قال: أصعدت إلى صعدة، وأنا ذو شطاط يحكي الصّعدة، واشتداد يبدر بنات صعدة؛ فلمّا رأيت نضرتها، ورعيت خضرتها، سألت نحارير الرّواة، عمّا تحويه من السّراة، ومعادن الخيرات؛ لاتّخذه جذوة في الظلمات، ونجدة في الظّلامات، فنعت لي قاض بها رحيب الباع، خصيب الرّباع، تميميّ النّسب والطباع؛ فلم أزل أتقرّب إليه بالإلمام، وأتنفّق عليه بالإجمام؛ حتّى صرت صدى صوته، وسلمان بيته.

***

أصعدت: طلعت وارتفعت، قال يعقوب: الإصعاد إلى نجد واليمن والحجاز، والانحدار إلى العراق والشام وعمان. وقال الأخفش: أصعد في البلاد: سار فيها ومضى، وأصله الذهاب في الصعود وهو الارتفاع، ثم توسّعوا في ذلك، وقال الفرّاء رحمه الله تعالى في ابتداء الأسفار والمخارج، تقول: أصعدنا من مكّة إلى بغداد، وأصعدنا من بغداد إلى خراسان، فأما في السّلم فتقول: صعدت فيه لا أصعدت. قال يعقوب رحمه الله: صعّد الجبل وأصعد في البلاد: انحدر فيها وصعد: ارتقى.

وصعدة: مدينة عظيمة باليمن، بينها وبين صنعاء ستون فرسخا، وتحكم فيها صنعة الجلود، والجلد الصّعدي في غاية الجودة، ويضرب المثل بحسن نسائها.

الشّطاط: طول القامة. والصعدة: الرمح. اشتداد: جري. يبدر: يسبق. بنات صعدة: حمر الوحش. نضرتها: خصبها ونعمتها، والنضرة: صفاء اللون وبريقه، نحارير: علماء، والنّحرير، الماهر والحاذق الّذي جرّب الأمور وعرفها، وهو اسم يجمع وجوها من المدح، فيفسّر النحرير بالعالم والمفلق والحاذق والماهر والعادل. والسّراة: السادة، وهو جمع سريّ، وهو السيد الشريف، وجمع فعيل على فعلة عزيز لا يعرف غير هذا، الجذوة: الجمرة الغليظة العظيمة وجيمها بثلاث حركات، ويجمع ثلاثتها، نحو جذا وجذا وجذا. نجدة: قوّة وعونا، الظّلامات:

جمع ظلامة، وهو ما يشتكيه المظلوم، رحيب الباع: واسع العطاء، فكنى بالباع عن

<<  <  ج: ص:  >  >>