للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[مما قيل في الخضاب]]

قوله: «الريب»، أي لريبة. مسوّد وجه الشيب، نبّه به على قوله في أوّل المقامة:

«ميسمه ميسم الشبان» يريد أنّه خضب شيبه وتشبه بالفتيان، والخضاب مباح والتدليس مكروه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «غيّروا هذا الشيب» (١).

وكان أبو بكر رضي الله عنه يخضب لحناء والكتم، وجاء النهي عن الخضاب بالسواد، وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بهذا السّواد كحواصل الحمام، ولا يربحون رائحة الجنة» (٢).

ومن كلام المولدين: الخضاب تذكرة الشباب.

الخضاب أحد الشبابين.

وقال مالك بن أسماء بن خارجة لجارية له: قومي اخضبي رأسي ولحيتي، فقالت:

دعني، فقد عييت مما أرقّعك، فقال: [البسيط]

عيّرتني خلقا أبليت جدّته ... وهل رأيت جديدا لم يعد خلقا!

وقال آخر: [البسيط]

أليس عندك شكر للّتي جعلت ... ما ابيضّ من قادمات الرّأس كالحمم

وجدّدت منك ما قد كان أخلقه ... طول الزمان وصرف الدّهر والقدم

وقال آخر: [الوافر]

وقائلة تقول وقد رأتني ... ترقّع عارضاي من القتير

عليك الخضب علّك أن تداني ... إلى بيض ترى منهن حور

فقلت لها: المشيب نذير عمري ... ولست مسوّدا وجه النّذير

وقال عبدان الأصبهاني: [الخفيف]

في مشيبي شماتة لعداتي ... وهو ناع منغّص لحياتي

ويعيب الخضاب قوم وفيه ... لي أنس إلى حضور وفاتي

لا ومن يعلم السّرائر منّي ... ما تطلّبت خلّة الغانيات

إنما رمت أن يغيّب عنّي ... ما ترينيه كلّ يوم مراتي

وهو ناع إليّ نفسي ومن ذا ... سرّه أن يرى وجوه النّعاة!

وقال آخر: [الكامل]

بكرت تحسّن لي سواد خضابي ... لو كان ذلك يعيدني لشبابي


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٢٤٧، ٣٣٨.
(٢) أخرجه أبو داود في الترجل باب ٢٠، والنسائي في الزينة باب ١٥، وأحمد في المسند ١/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>