فقلت له: بخ بخ لروايتك، وأفّ وتفّ لغوايتك، فبالله من أيّ الأعياص عيصك، فقد أعضلني عويصك؟ فقال: ما أحبّ أن أفصح عني، ولكن سأكنّي ...
[مجزوء الخفيف]
أنا أطروفة الزّما ... ن وأعجوبة الأمم
وأنا الحوّل الّذي اح ... تال في العرب والعجم
غير أنّي ابن حاجة ... هاضه الدّهر فاهتضم
وأبو صبية بدوا ... مثل لحم على وضم
وأخو العيلة المع ... يل إذا احتال لم يلم
***
قوله: «بخ بخ»، أي عجب عجب وتثقّل وتخفّف، وهي كلمة تقال عند الإعجاب بالشيء. أفّ وتفّ، الأصمعي: الأفّ وسخ الآذان، والتّف: وسخ الأظفار، ثم استعمل ذلك عند كلّ شيء يضجر منه.
وقال غيره: الأفّ: القلّة، مأخوذ من الأفف وهو القلة ثم نسق التّف عليه. ومعناه كمعناه، ويقال: لمن يدعى عليه بالخيبة: أفّ وتفّ لك. وقال ابن الأنباري: إذا أفردت أفّ، ففيها عشرة أوجه: فتح الفاء، وكسرها وضمّها على قياس مدّ؛ وثلاثتها بالتّنوين على قياس ويل، فنصبه على الدّعاء، ورفعه بالابتداء، وخفضه على التشبيه بالأصوات كمه وصه، وأف كقد، وأفي بضم الهمزة منصوب على الدعاء، وأفي بإضافته إلى نفسه، وأف بضم الهمزة وسكون الفاء تشبيها بالأدوات، نحو: هل وبل.
غوايتك: ضلالتك. الأعياص: الأصول، والعيص: بيت الأسد، ويريد: من أيّ القبائل والبلاد. أعضلني: صعب عليّ، عويصك: صعب أمرك ومشكله. أفصح: أبين.
أكنى أوري، أي أدلّ على نفسي بكلام خفيّ. أطروفة: غريبة. الحول: الكثير الحيلة، هاضه: كسره. اهتضم: ظلم ونقص، الوضم أطروفة خشبة الجزار التي يقطع عليها اللحم. والعيلة: الفقر، وعال الرّجل يعيل عيلة، إذا افتقر، قال الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً [التوبة: ٢٨]، وقال الشاعر: [الوافر]
وما يدري الفقير متى غناه ... وما يدري الغنيّ متى يعيل (١)
والمعيل: الكثير العيال، وقد أعال يعيل.
***
(١) البيت لأحيحة بن الجلاح في لسان العرب (عيل)، وجمهرة اللغة ص ٥٩، ٥٧١، وتاج العروس (عيل)، وجمهرة أشعار العرب ص ٦٥٩، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٩٥٢.