وحمل على من أنكره، وغريره: شبابه، والغرّة: صغر السن، ومعناه أقبل شرّه وسوء خلقه، وأدبر صباه وحسن خلقه، ولما كانت خليقته في هذه المقامة منبسطة مع صبيانه صار هذا التفسير فيه بعد. وقال بعضهم: أقبل هريره، أقبل هرمه ويبسه، من هرّ الشوك إذا اشتدّ يبسه حتى صار كأنياب الهرّ، وهذا يوافق الغرض، فمعناه أقبل هرمه وكبره وأدبر صباه وصغره، ومثله كالبت الإبل شجر الشّوك، إذا رعته كأنها رعت فيه أنياب الكلاب لصعوبته، والغرير أيضا: الضامن، ويكنى به هنا عن الشباب كأنه ضمن لصاحبه طول الحياة المفقود معناها في الهرم. والصّنو: الأخ الشقيق، وأصل الصّنو في النخيل والشجر، وهي التي تجتمع أصولها وتفترق أجسادها، الحرص: الرغبة والطمع.
أخبر: أجرّب. بشّ: استبشر. والبشاشة إظهار السرور وبسط الوجه. وافيته، اتيته. جنى نطقه: ما يجني من كلامه ويحصل منه. أكتنه: أتعرّف وأتحقّق. كنه قدر وحقيقة، ابن الأنباريّ: الحمق عند العرب الخمر، ثم أخذ منه الأحمق وهو المتغيّر العقل.
[[المعلمون ونوادرهم]]
فممّا يحكى من حماقتهم: كان حمزة المعلم متقلنسا فأشد فيه أبو جعفر الحاكم: [البسيط]
أرى على حمزة المقري قلنسوة ... عساكر القمل تجري في حواشيها
إن المعلّم لا تخفى حماقته ... ولو تقلنس بالدّنيا وما فيها
تقلنس: لبس القلنسوة.
الجاحظ: عقل مائة معلّم عقل امرأة، وعقل مائة امرأة عقل حائك، وعقل مائة حائك عقل خصيّ وعقل مائة خصي عقل صبيّ، قال الشاعر:[الطويل]
معلّم صبيان وصاحب درّه ... وليس له عقل بمقدار ذرّه
الفنجديهي: قال أبو طاهر: عقل امرأتين كاملتين عقل رجل، وعقل أربعة خصيان عقل امرأة، وعقل أربعين حائكا عقل خصيّ، وعقل أربعين معلما عقل حائك.
الزبير بن عبد الملك الهاشميّ قال: مررت ببعض المعلّمين ويعرف بكسرى، فرأيته يصلّي بالصبيان صلاة العصر، فلم أزل واقفا أفكّر فيه، فلما أن ركع أدخل رأسه بين رجليه، لينظر ما يصنع الصبيان خلفه، فرأى صبيّا يلعب فقال له وهو راكع: يا بن البقال؛ هو ذا؟ أتدري ما تصنع! .
الجاحظ: مررت بمعلم وقد كتب على لوح صبي: «وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه، يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [يوسف ٥]، فقلت: ويحك! أتدخل سورة في سورة؟ فقال: