وأخرج الله بدن فرعون ميتا، حتى عرفه بنو إسرائيل، فهذا هو الذي غشى فرعون وجنوده من اليمّ.
***
ولم أزل أدافع عنها ولا يغني الدّفاع، وأستشفع ولا يجدي الاستشفاع، وكلّما رأى منّي ازدياد الاعتياص، وارتياد المناص، تجرّم وتضرّم، وحرّق عليّ الأرّم، ونفسي مع ذلك لا تسمح بمفارقة بدري، ولا بأن تنزع قلبي من صدري، حتى آل الوعيد إيقاعا، والتقريع قراعا، فقادني الإشفاق من الحين، إلى أن قضته سواد العين، بصفرة العين، ولم يحظ الواشي بغير الإثم والشّين.
***
قوله: الاعتياص: أي التصعّب، واعتاص الشّيء اعتياصا: تصعّب وتلوّى.
المناص: الملجأ والمفرّ.
وتجرّم: أتى الجرم. وتضرّم: اشتدّ غضبه. والأرّم: الأسنان. وحرّق: عض بعضها على بعض، حتى صوّت، وذلك لشدة الغيظ، وهو مثل. آل: رجع. الوعيد:
الحين: الموت. قضته: عاوضته وبادلته سواد العين: جاريته التي هي نور عينه.
صفرة العين: لون الدنانير. لم يحظ: لم يأخذ حظوة، وهي النصيب.
والواشي: النّمام، سمّي واشيا لاستخراجه الأخبار وتوصّله إلى معرفتها، من قولهم: فلان يوشّي الخبر، إذا استخرجه؛ وقيل: سمّي واشيا لتحسينه ما ينقل من الأخبار، وثوب موشّى: محسّن بما فيه من النّقوش. وقيل: هو من الشّية، وهي العلامة، كأنه جعل لنفسه علامة من الوصف القبيح، والشين: العيب.
***
[[من قصص الجاريات المتأدبات]]
وعلى وصف الجارية المذكورة بالأدب والجمال نريد أن نسوق فصلا في الجواري ذوات الأدب ممّن أهديت إلى ملك كحال هذه، أولها معه سبب:
حدث الأصمعي قال: بعث لي هارون الرشيد وهو بالرّقّة، فحملت إليه، فأنزلني الفضل بن الربيع ثم أدخلني عليه وقت المغرب، فاستدناني، وقال لي: يا عبد الملك، وجّهت فيك بسبب جاريتين، أهديتا إليّ، لهما أدب، أحببت أن تبرز ما عندهما، وتشير عليّ بالصواب فيهما.