للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحاتميّ: فانظر إلى ديباجة هذا الكلام، ما أصفاها، وإلى تقسيماته ما أوفاها، وانظر إلى قوله: مفيتا مفيدا، ووصفها إياه بالشمس بالنهار والهلال بالليل، تجد المطيع الممتنع القريب البعيد.

[التتميم]

هو أن يذكر الشاعر معنى فلا يترك شيئا يتم ويتكامل الإحسان معه فيه إلا أتى به، وأحسن ما قيل في ذلك قول طرفة: [الكامل]

فسقى ديارك غير مفسدها ... صوب الرّبيع وديمة تهمي (١)

فقد تم الإحسان في المعنى الذي ذهب إليه بقوله: «غير مفسدها» ويتلوه قول خليفة بن نافع العنزي: [الطويل]

رجال إذا لم يقبل الحق منهم ... ويعطوه عادوا بالسّيوف القواطع

فالمعنى تم بقوله «ويعطوه»، ولولاه كان ناقصا.

وقال حبيب: [الكامل]

حتّى لقد ظنّ الغواة وباطل ... أنى تجسّم فيّ روح السّيّد (٢)

فتمّ الإحسان في المعنى الذي أراد بقوله: «وباطل»، والسيد الحميري له في الشيعية مذهب رديء، والغواة هنا القائلون بالتناسخ. يقول: لإفراط حبهم في أهل البيت، توهّم الغواة أن روح السّيد تجسم فيّ، وتوهّمهم باطل.

[الترديد]

هو تعليق الشاعر لفظة في البيت بمعنى، ثم يرددها فيه بعينها ويعلقها بمعنى آخر، وأكثر ما يستعمله المحدثون، وأجمعوا أن أباحيّة النميريّ سبق إلى الإحسان جميع من تقدّمه وتأخّر عنه في قوله: [الطويل]

ألا حيّ من أجل الحبيب المغانيا ... لبسن البلى ممّا لبسن اللّياليا (٣)

إذا ما انقضى للمرء يوم وليلة ... تقاضاه شيء لا يملّ التقاضيا

ابتدأ بالمصراع الأول فأحسن الابتداء، وردّد في المصراع الثاني فأحسن في


(١) البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٨٨، وتخليص الشواهد ص ٢٣١، والدرر ٤/ ٩، ومعاهد التنصيص ١/ ٣٦٢، وبلا نسبة في لسان العرب (همي)، وهمع الهوامع ١/ ٢٤١.
(٢) البيت في ديوان أبي تمام ص ١١٤.
(٣) يروى صدر البيت الثاني:
إذا ما تقاضى المرء يوم وليلة
وهو بلا نسبة في لسان العرب (قضى)، وتاج العروس (قضى).

<<  <  ج: ص:  >  >>