وإذا مسّت يدي طرّته ... أفلتت منه فعادت حلقه
أخذها من حكاية لعمر بن أبي ربيعة؛ حدّث المغيرة بن عبد الرحمن، قال:
حججت مع أبي وأنا غلام، عليّ جمّة، فجئت عمر فسلّمت عليه، فجلست عنده، فجعل يمدّ الخصلة من شعري ثم يرسلها، فترجع على ما كانت عليه، ويقول: وا شباباه! حتى فعل ذلك مرارا، ثم قال لي: يا ابن أخي، قد سمعتني أقول في شعري: قالت وقلت ... وكلّ مملوك لي حرّ إن كنت كشفت عن فرج امرأة حرام قطّ، فسألت عن رقيقه، فقيل لي: أما في الحوك فسبعون سوى غيرهم.
وساير عمر عروة بن الزبير يحدّثه، فقال: وأين زين المواكب؟ - يعنى ابنه محمدا، وكان يعرف بذلك لجماله- فقال عروة: هو أمامك، فركد يطلبه، فقال له عروة: يا أبا الخطّاب، أولسنا أكفاء كراما لمحادثتك! قال: بلى، بأبي أنت وأمي، ولكني مغرى بهذا الجمال حيث كان، ثم التفت إليه، وقال: [البسيط]
إنّي امرؤ مولع بالحسن أتبعه ... لا حظّ لي فيه إلّا لذّة النّظر
أخذه العباس بن الأحنف، فقال: [البسيط]
أتأذنون لصبّ في زيارتكم ... فعندكم شهوات السّمع والبصر
لا يضمر السّوء إن طالت إقامته ... عفّ الضمير ولكن فاسق النّظر
[[مما قيل في حلق الشعر]]
ومما يتعلق بذكر الشّعر حلاقة، والشعر فيه كثير؛ فنلمّ منه باليسير.
وأول من قرع هذا الباب- فيما يذكر- القائل: [الخفيف]
حلقوا رأسه ليكسوه قبحا ... خيفة منهم عليه وشحّا
كان من قبل ذاك ليلا وصبحا ... فمحوا ليله وأبقوه صبحا
وقال أبو العباس القريعيّ: [الرمل]
كان إلّا قمرا تحت دجى ... فانجلى اللّيل ولاح القمر
أو كزهر في كمام كامن ... شققت عنه فتمّ الزّهر
وقال أبو العباس بن حيّون: [الكامل]
حلقوك في تغيير حسنك رغبة ... فازداد حسنك بهجة وضياء
كالخمر فضّ ختامه فتشعشعت ... والشّمع قطّ ذباله فأضاء
***
قوله: «قنفشت»، أي أخذت بسرعة، تقول: قفشت الشيء، قفشا إذا جمعت عليه