ولابن شرف: [البسيط]
بع من جفاك ولا تبخل بسلعته ... واطلب به بدلا إن رام تبديلا
وهو كثير، وبما ذكرت يستدلّ على الباب.
***
قال الحارث بن همّام: فلمّا وعيت ما دار بينهما، تقت إلى أن أعرف عينهما، فلمّا لاح ابن ذكاء، وألحف الجوّ الضّياء، غدوت قبل استقلال الرّكاب، ولا اغتداء الغراب، وجعلت أستقرئ صوب الصّوت اللّيليّ، وأتوسّم الوجوه بالنّظر الجليّ، إلى أن لمحت أبا زيد وابنه يتحادثان، وعليهما بردان رثّان، فعلمت أنّهما نجيّا ليلتي، وصاحبا روايتي.
***
قوله: «وعيت»، أي حفظت. تقت، أي اشتقت. عينهما: شخصهما لاح: ظهر.
ابن ذكاء: هو الصبح، وذكاء هي الشمس، ويقال للصبح: ابن ذكاء لأنه من ضوئها.
ألحف: غطّى. الجوّ: الهواء بين السماء والأرض، أراد أن الصبح غطى نواحي السماء بضوئه.
[[مما قيل في ضوء الصبح شعرا]]
ومن حسن التشبيه في ضوء الصبح قول ذي الرمّة:
وقد لاح للسّاري الذي كمّل السّرى ... على أخريات اللّيل فتق مشهّر (١)
كلون الحصان الأبيض البطن قائما ... تمايل عنه الجلّ واللون أشقر
شبه اختلاط الضوء بالظلمة بالفرس الأشقر الأبيض البطن.
وقال ابن المعتزّ: [الوافر]
وساق يجعل المنديل منه ... مكان حمائل السيف الطّوال
غدا والصبح تحت الليل باد ... كطرف أشقر ملقى الجلال
وقال يوسف الرمادي: [الطويل]
وليلة أنس قد غمرنا ظلامها ... بأوجه راح تستنير فترشف
إلى أن بدا ضوء الصباح كأنّما ... تحمّل لقمان، وأقبل يوسف
(١) البيتان في ديوان ذي الرمة ص ٦٥٥، ولسان العرب (شهر)، (نبط)، (فتق)، وتاج العروس (نبط)، (فتق)، وتهذيب اللغة ٦/ ٨٠، ٩/ ٦٣، وكتاب العين ٣/ ٤٠٠، ٥/ ١٣١، وأساس البلاغة (فتق).