المعرّف يقول: هذه النعل يدّعي هذا أنه أعطي بها عشرين، وأنتم ترونه سالم البصر، ومحال أن يصفع بها إنسان لخشنها وثقلها عشرين صفعة إلا ويعمى، فقد صارت دعواه كاذبة إلا أن يمدّ لنا عنقه فنرى فيها أثر الصفع والرّزء فنصدّقه في دعواه. وفي رواية غير ابن جهور «بعد المبصرين» فقال: كذّب دعواه وهو داخل في قول المعرّف الأوّل فلا يحتاج إلى ادعائه، ولو جاء هنا بثمّ مكان الفاء لكان أبين فكان بمعنى قوله، قال: ثم يمشي في كلامه ثم ينسّق عليه قال: لكلام ثان، وإنما وضع الفاء موضع ثمّ لأن جواب الشرط الذي هو «فإن كان» مضمّن في قوله «وها هو من المبصرين» فإنه يتضمّن قوله:
«وها هو من المبصرين» معنى فقد كذب، وليس فيه لفظ الجواب، فجاءت الفاء كأنها جواب لفظي، ووقعت قال: موطّئة لقال الأولى، ألا ترى أن في رواية ابن جهور مكان فقال فقد، والكلام بها متّصل حسن، قال أبو الرقعمق يصف العمى من الصفع: [مجزوء الرمل]
ولقد بتنا على زمن ... ورءوس القوم تسلب
وكئوس الصفع دائرة ... وبها اللّذات والطّرب
وكأن الصفع بينهم ... شعل النّيران تلهب
والعمى منهم وإن شغلوا ... عنه باللّذات مقترب
وله: [مجزوء الكامل]
إنّ الذين تصافعوا ... بالقرع في زمن القشور
أسفوا عليّ لأنهم ... حضروا ولم أك في الحضور
لو كنت ثم لقيل هل ... من آخذ بيد الضرير
يا للرّجال تصافعوا ... والصّفع مفتاح السرور
لا تغفلوه فإنّه ... يستلّ أحقاد الصّدور
وقال يصف أثر الصّفع في قفاه: [البسيط]
ففيّ ما شئت من حمق ومن هوس ... قليله لكثير الحمق إكسير
كم رام إدراكه قوم فأعجزهم ... وقد حضرت يرى في الرأس تعجير
والأخدعان فما زالا يرى لهما ... لكثرة المزح توريم وتحمير
ففي هذه الأشعار تتبين لك تلك الأغراض التي قدمنا ذكرها.
[[ابن المغازلي]]
وتنتظم في سلكها حكاية ابن المغازليّ، وكان رجلا يتكلّم ببغداد على الطّرق