هذا الشيخ الحاكم رزين في جلوسه حسن التعمّم والهيئة. يؤنس: يبصر. سكون الطائر، كناية عن الوقار والحلم، وإنما ذكّر الطائر لأنه لا ينزل إلا على ساكن، وإذا نزل عليه سكن هو، فإذا كان عند الرجل هوج وطيش، قيل: طارت عصافيره، فإذا كان القوم أهل وقار قيل: كأنّ على رءوسهم الطير. اندرأت: اندفعت. اتظلّم: أتشكّى الظلم. أتألم:
أتوجع. مرمّ: ساكت. لا يترمرم: لا يجيب ولا يتحرك، وتكلّم فما ترمرم، أي ما أجاب، وأصل ترمرم تحرّك. نثلت كنانتي: أخرجت ما فيها من السّهام، وأراد أتممت كلامي وقضيت: أتممت. والقصص: ذكر الخبر. لبانتي: حاجتي. أبرز: أظهر رزينة:
ثقيلة.
محذوّة، جعل عليها الحذاء؛ وهو الجلد الّذي تنعل به. مسالك: طرق. والحزن:
ما غلظ من الأرض. عرفت: صحت بها ليعرفها صاحبها. ما افتراه: ما جاء به من الادّعاء والكذب. قذالة: عنقه، والقذال: ما بين نقرة القفا إلى الأذن، وجمعه قذل، يقول: فإن كانت هذه النعل تساوي عشرين- وها هو يبصر أنّ هذا باطل- فقد صارت دعواه باطلة، اللهمّ إلا أن يمدّ عنقه ويأتي ببيان أنّها تساوي عشرين، إلى هذا التفسير رأيت أكثر من لقيت يذهب، وهو ضعيف ولا يكون لمدّ قذا له معنى ولا لما بعده.
والتفسير الحسن الّذي فيه جلاء للمعنى ما كان يفسّره به شيخي أبو بكر بن أزهر عن ابن جهور، وذلك أنه كان يفسّر أعطى بمعنى صفع وضرب، وكذلك كتب عليه في طرة كتابه، أنّ أعطى بمعنى ضرب، لغة أهل الشرق، وقد حدّثت أنا عنهم أنّ الرجل إذا كلم الآخر بما لا يرضيه ثم انصرف عنه صاح الآخر في أثره: أعطه، بمعنى اصفعه، فهي لفظة متعارفة بينهم لهذا المعنى وبيان موقعها هنا أنه لما ادّعى السّروجي أنه أعطي بناقته عشرين، فوصفها بما يصحّ معناه في حقها من أنها تساوي عشرين. ثم قال: إن المعرّف أبرز نعلا رزينة الوزن، أي ثقيلة في الميزان. محذوة لمسلك الحزن، أي قد جعل عليها حذاء، أي رقع من الجلد طرقت بها ليسلك بها الحزن، أي ليمشي بها في أرض ذات حجارة فلا تؤثّر فيها لتلك الأطراف، وبتلك الأطراف صارت ثقيلة في الوزن، فلمّا أبرز هذه النّعل التي وصفتها رفعها بيده إلى الحاكم قائلا له: هذه النّعل التي عرّفت، وإيّاها وصفت، فإن كانت هذه التي أعطي بها عشرين، أي صفع بها عشرين. فقلت: الإعطاء للنعل بمعنى يوافقها إذ عدّ عشرين دينار في ثمنها بعيد، ثم بينه بقوله: وها هو من المبصرين. والضّرب الجافي في العنق تدمع له العينان، وإذا أفرط فيه عمي له المصفوع، فيقول المعرّف: هذه النعل لو صفع بها إنسان صفعة واحدة لعمي وهذا يقول إنه صفع بها عشرين وهو سالم البصر، فقد كذب في ادّعائه أنه صفع بها عشرين، وكبرت فريته، اللهمّ إلا أن يمدّ قفاه فيرينا فيها أثر الصفع، وأثره احمراره وتعجيره، فيتبيّن بذلك الأثر صدق قوله. فهكذا تفسير هذا الموضع ومعناه، وابن جهور الذي شافه الحريري بمشكلات كتابه كان أضبط لها ممّن يتحكم فيها بنظره، فيكون تخليص المعنى إنّ