للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «أخوض الغمار»، أي أدخل المياه الغزيرة فأجوزها. أقتحم الأخطار، أي أترامى في المخاوف. والخطر: الغرر. والأوطار: الحاجات. وقال أبو عمر القسطلّي فيما يتعلق بهذا: [الطويل]

تخوّفني طول السّفار وإنّني ... لتقبيل كفّ العامريّ سفير

دعيني أرد ماء المفاوز آجنا ... إلى حيث ماء المكرمات نمير

ألم تعلمي أنّ الثواء هو النّوى ... وأن بيوت العاجزين قبور

وأن خطيرات المهالك ضمّن ... لراكبها أنّ الجزاء خطير

وقال النابغة الجعديّ: [الطويل]

إذا المرء لم يطلب معاشا لنفسه ... شكا الفقر أو لام الصّديق فأكثرا (١)

فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا

وقال ابن سارة: [البسيط]

سافر فإنّ الفتى من باب مفتتحا ... قفل النجاح بمفتاح من السّفر

إن شئت خضرتها يا ابن الرّخاء فكن ... في طيّ عمر الفيافي نائي الحضر

ولا يصدّنك عن أمر تصعّبه ... قد ينبع الكوثر السلسال من حجر

لا بدّ أن يقع المطلوب في شرك ... ولو بنى وكره في دارة القمر

[مما قيل في السفر والحضّ عليه]

ومما ينتظم في باب الحضّ على السفر وترك العجز قولهم: لا ينبغي للعاقل أن يكون إلا في إحدى المنزلتين، إما في الغاية من طلب الدنيا، وإما في الغاية من تركها، ولا ينبغي للعاقل أن يرى إلّا في أحد مكانين، إما مع الملوك مكرّما، وإما مع العباد متبتّلا، ولا يعدّ الغرم غرما إلا إذا ساق غنما، ولا الغنم غنما إلّا إذا ساق غرما؛ ونظم هذا المعريّ فقال: [الوافر]

ذر الدّنيا إذا لم تخط فيها ... وكن فيها كثيرا أو قليلا (٢)

وأصبح واحد الرّجلين إمّا ... مليكا في العشائر أو أبيلا


(١) البيت الأول للنابغة الجعدي في ديوانه ص ٧٣، وبلا نسبة في كتاب العين ٥/ ٣٩٠، والبيت الثاني ليس في ديوان النابغة، وهو لعروة بن الورد في ديوانه ص ٨٩، ولأبي عطاء السندي في الأغاني ١٧/ ٢٤٤، ولربيعة بن الورد في العقد الفريد ٣/ ٣١، وبلا نسبة في رصف المباني ص ١٣٣، والمقرب ١/ ٢٦٣.
(٢) البيتان في سقط الزند ١٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>