للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يليه: ما الكتاب الّذي تنظر فيه؟ فقال: ديوان أبي عبادة، المشهود له بالإجادة.

***

أتى طلحة رضي الله عنه مجلس قوم، فجعلوا ينادونه من كلّ جانب: هاهنا يا صاحب رسول الله! قال: فجلس في أدنى المجلس، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنّ من التواضع لله الرضا بالدّون من شرف المجلس».

وطابه: زقاق لبنه، أراد أنه يظهر ما عنده. يعجب: يجعلهم يتعجّبون. بفصل خطابه: يريد بفصل كلامه وجودة بلاغته، وقوله تعالى: وَفَصْلَ الْخِطابِ [ص: ٢٠] هو قول الخطيب: «أما بعد». يليه: يلصق به.

[البحتريّ]

أبو عبادة. قال البكريّ: هو الوليد بن عبيد بن يحيى بن عبيد، من بني بحتر بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن جلهمة، وهي طيّئ. شاعر مقدّم لا يعدل به أحد، يفضّل على حبيب، والناس في تفضيلهما على اختلاف.

قال أبو الفرج الأصبهانيّ: كان البحتريّ شاعرا فصيحا، حسن المذهب نقيّ الكلام، ختم به الشعراء المحدثون، وله تصرّف في ضروب الشعر، سوى الهجاء، فإنّ بضاعته فيه نزرة.

قال البحتريّ: وكان أول أمري أنّي سرت إلى أبي عامر بحمص، فعرضت عليه شعري- والشعراء يعرضون عليه أشعارهم- فترك من حضر وأقبل عليّ، فقال لي حين تفرّقوا: أنت أشعر من أنشدني، فكيف حالك؟ فشكوت خلّة، فكتب إلى أهل معرّة النعمان، وشهد لي بالحذق في الشعر، وشفع لي إليهم، وقال: امتدحهم. فسرت إليهم، فأكرموني بكتابه، ووظّفوا لي أربعة آلاف درهم، فكانت أوّل مال أصبته.

وحدّث أبو الفرج، قال: حدثني أبو الغوث البحتريّ، عن أبيه، قال: أوّل أمري أنّي دخلت على أبي سعيد محمد بن يوسف الثغريّ، فأنشدته قصيدة أولها: [الكامل]

* أأفاق صبّ من هوى فأفيقا (١) *

فسرّ أبو يوسف بها، وقال: أحسنت والله يا فتى وأجدت- وفي مجلسه رجل رفيع نبيل قريب المجلس منه، فوق كل من حضر، تكاد تمسّ ركبته ركبته، فأقبل عليّ، ثم قال: أما تستحي مني! هذا شعري تنتحله وتنشده بحضرتي! فقال أبو سعيد: أحقّا ما


(١) عجزه:
أم خان عهدا أم أطاع سفيقا
والبيت في ديوان البحتري ٣/ ١٤٥٠، وهو بلا نسبة في رصف المباني ص ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>