وإن عدا والريح في وجهه ... لم ينبعث في مشيه إصبعا
لو غاص في اليمّ بها غوصة ... صاد بها حيتانه أجمعا
وأشد إفراطا منه قول الآخر: [الكامل]
يا لحية الشّيخ الأزبّ تميم ... أهديت للأقوام عرف الثّوم
لو أنها دون السماء غمامة ... ضاقت مسالك دعوة المظلوم
أو صبّها في الماء ثم سما بها ... قامت مقام العارض المركوم
ولابن سارة: [البسيط]
ولحية لست أدري كيف أنعتها ... فضول أشعارها أودت بأشعاري
كأنها ويمين الرّيح تنشرها ... مذبّة وقعت في عود بيطار
وقال آخر: [السريع]
أبصرت شيخا ذاهبا جائيا ... ذا لحية قد كبرت في اتّساع
عرضا وطولا وهو من خلفها ... كأنه ناشر ثوب يباع
وقال آخر: [الوافر]
لقد كانت مجالسنا فساحا ... فضيّقها بلحيته رباح
مقلّبة الأسافل والأعالي ... لها في كلّ زاوية جناح
وقال آخر: [السريع]
يا أيّها الناس خذوا حذركم ... قد برزت لحية بهلول
فطولها الفرسخ في فرسخ ... وعرضها ميل إلى ميل
لو ضمّ ما يقطر من دهنها ... أسرج منه ألف قنديل
ولو سها الحجّام عن قصّها ... لخالطت ما في السّراويل
ذكر هنا أبو محمد لحية السروجيّ أنّها كثّة، وكل صفة يصف بها السّروجيّ في المقامات، فتلك كانت صفة الحريري. وذكر ابن جهور أنّ الحريريّ كان قليل اللّحية لا خلقة، وإنما كان مولعا بنتفها، كانت يده رحمه الله لا تفارق لحيته. وهذا على كثرته قليل فيما قيل في اللحية.
قوله «رثّة»، أي خلقة بالية. أخريات: أطراف، وهي جمع أخرى.
***
ثمّ أخذ يبدي ما في وطابه، ويعجب الحاضرين بفصل خطابه، فقال لمن