للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لم أجدك على هدى أثر ... يقرو مقصّك قائف قبلي

يقول: أنا أديم من مواصلتك ما لم أجد غيري يتبعك طمعا في مواصلتك. وقال أبو ذؤيب: [الطويل]

تريدين كيما تجمعيني وخالدا ... وهل يجمع السّيفان ويحك في غمد (١)

فهذا قد أبى الشركة على التساوي، فكيف الإقامة على الجور الذي ذكر الحريري.

وقد قدمنا في العشرة للمولدين فنّا غير هذا، على أن المحبوب إذا كان حسن الخلق حسن القبول زاد في أبّهة جماله، كما أنّ الجفاء في المحبوب والخلق الذميم يطمس نور حسنه وينقص من كماله، وأنشدوا: [الطويل]

أيا حسنا أزرت قبائح فعله ... عليه كما أزرى الكسوف على البدر

وقال عبد الصمد المصري: [المتقارب]

فلو زيّن الحسن من وجهه ... بهجر الصّدود ووصل الوصال

لتمّ ولكنّ ما إن أرى ... جميل المحيا جميل الفعال

وقال آخر: [الوافر]

صحا عن حبّك القلب المشوق ... فما يصبو إليك ولا يتوق

جفاؤك كان عنك لنا عزاء ... وقد يسلي عن الولد العقوق

فهذه جملة كافة.

[[أنواع البلاغة في صناعة الشعر]]

ونرجع إلى ذكر أنواع البلاغة في صناعة الشعر التي سمّاها المحدثون صنعة البديع، والشعراء يتفاضلون في سياقها والاقتدار عليها، وهي في أشعار العرب موجودة، وفي الشعر المولّد أكثر، وأنا آتي منها بما للناظر فيه كفاية بعون الله سبحانه وتعالى، ونبدأ منها بالتجنيس الذي أولع به الحاكم في المقامة.

[التجنيس]

هو اتفاق اللفظ أو أكثره واختلاف الحكم، قال أبو بكر حازم بن حازم: التجنيس أن تجيء الكلمة تجانس أخرى في بيت شعر أو كلام، وهو من أضيق أنواع البديع، فمنه


٤٠٦، ولسان العرب (حبل)، وللنمر بن تولب في ملحق ديوانه ص ٤٠٥، وبلا نسبة في رصف المباني ص ٤٤٧، والكتاب ١/ ١٦٤.
(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب ٥/ ٨٤، ٨/ ٥١٤، والدرر ٤/ ٦٨، وشرح أشعار الهذليين ١/ ٢١٩، ولسان العرب (ضمد)، وللهذلي في إصلاح المنطق ص ٥٠، وبلا نسبة في همع الهوامع ٢/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>