مطيفة بجامعها، وأكثر حوانيتها خزائن من الخشب البديع الصنعة، قد اتّصل السماط كله خزانة واحدة، وتخللتها شرف حسنة، بديعة النقش وتفتّحت كلها حوانيت، فجاءت في أجمل منظر، وكلّ سماط منها يتصل بباب من أبواب الجامع.
ثم أخذ ابن جبير في وصف الجامع والمدارس والبيمارستان بأنواع من الأوصاف الحسان.
***
قوله: يا له! معناه التّعجب كأنه قال: ما أعجبه من طلب: خفيف الحاذ، أي قليل العيال. وتقدّم الحاذ في السادسة. حثيث النفاذ: سريع المضيّ في أموره، ورجل نافذ ونفوذ ونفّاذ: ماض في جميع أموره. أهبة: عدّة. خففت: ارتحلت بسرعة. حللت ربوعها: نزلت في بيوتها. ارتبعت ربيعها: التمست خيرها. أفاني: أقاطع، وفني الشيء تم وانقطع. والغرام: عذاب الحب. والأوام: العطش. وأقصر: كف، وأقصرت عن الشيء: تركته، وأنت عليه قادر. ولوعه: مصدر ولع به إذا أحبه ولزمه. استطار، بمعنى انتشر. وقوعه: نزوله، وهم يتشاءمون بالغراب لأنه يؤذن عندهم بالفراق، وذلك أنهم لا يرون الغراب عند منازلهم إلّا إذا حطّوا بيوتهم للرحيل، ينزل يلتمس ما يتركون مما يلقط، ولذلك سمّوه غراب البين، واشتقوا من اسمه الغريب والغربة.
***
فأغراني البال الخلو، والمرح الحلو؛ بأن أقصد حمص لأصطاف ببقعتها، وأسبر رقاعة أهل رقعتها؛ فأسرعت إليها إسراع النّجم؛ إذا انقضّ للرّجم، فحين خيّمت برسومها، ووجدت روح نسيمها، لمح طرفي شيخا قد أقبل هريره، وأدبر غريره، وعند عشرة صبيان، صنوان وغير صنوان، فطاوعت في قصده الحرص؛ لأخبر به أدباء حمص فبشّ بي حين وافيته، وحيّا بأحسن ممّا حيّيته، فجلست إليه لأبلو جنى نطقه، وأكتنه كنه حمقه، فما لبث أن أشار بعصيّته، إلى كبر أصيبيته، وقال له: أنشد الأبيات العواطل، واحذر أن تماطل، فجثا جثوة ليث، وأنشد من غير ريث.
***
أغراني: حرضني وسلّطني. الخلو: الفارغ. المرح: النشاط وخفّة النفس من الطرب.
[[مدينة حمص]]
حمص مدينة عظيمة، بينها وبين دمشق مائة ميل، وأرض حمص خمس من أخماس الشام، وهي مدينة يقال إن لها سورا وفي وسطها حصنها، ولا تدخلها حيّة ولا عقرب، وأول من ابتدع الحساب أهلها، لأنهم كانوا تجّارا بإشبيلية وأحوازها، نزل أهل