حكى الحارث بن همّام قال: كنت في عنفوان الشّباب، وريعان العيش اللّباب، أقلى الاكتنان بالغاب، وأهوى الاندلاق من القراب؛ لعلمي أنّ السّفر، ينفج السّفر، وينتج الظّفر، ومعاقرة الوطن تعقر الفطن، وتحقر من قطن، فأجلت قداح الاستشارة، واقتدحت زناد الاستخارة، ثم استجشت جأشا أثبت من الحجارة. وأصعدت إلى ساحل الشام للتّجارة، فلمّا خيّمت بالرّملة، وألقيت بها عصا الرّحلة، صادفت بها ركابا تعدّ للسّرى، ورحالا تشدّ إلى أمّ القرى.