للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقّل ركابك في الفلا ... ودع العوالي والقصور

فمحالفو أوطانهم ... أشباه سكّان القبور

لولا التغرّب ما ارتقى ... درّ البحور إلى النّحور

وقالوا: من لم يصاحب البرّ والفاجر، ولم يؤدبه الرخاء مرّة والشدة أخرى، ولم يخرج من الظّلّ إلى الشمس، فلا ترجه. وتقدم مثل هذا في التاسعة.

وقال أبو العباس الأعمى: [البسيط]

مللت حمص وملّتني فلو نطقت ... كما نطقت تلاحينا على قدر

وسوّلت لي نفسي أن أفارقها ... والماء في المزن أصفى منه في الغدر

أما اشتفت منّي الأيام في وطني ... حتى تضايق بي ما عزّ من وطري

ولا قضت من سواد العين حاجتها ... حتى تكرّ على ما كان في السّفر

وقال البحتريّ: [الطويل]

وليس اغترابي من سجستان أنّني ... عدمت بها الإخوان والدّار والأهلا (١)

ولكنّني مالي بها من مشاكل ... وإنّ الغريب الفرد من يعدم الشّكلا

ولأبي الفتح البستي عفا الله عنه: [الكامل]

ما أنصفت بغداد حين توحّشت ... لنزيلها وهي المحلّ الآنس (٢)

لم يرع لي حقّ القرابة بحتر ... فيها ولا حقّ المروءة فارس

وتعقّب عليه المعرّي في هذا فقال في أبي القاسم عليّ بن المحسّن التّنوخيّ القاضي: [البسيط]

ذمّ الوليد ولم أذمم جواركم ... فقال ما أنصفت بغداد حيّيتا (٣)

فإن لقيت وليدا والنوى قذف ... يوم القيامة لم أعدمه تبكيتا

أحسنت ما شئت في تأنيس مغترب ... ولو بلغت المدى أحسنت ماشيتا

وقال أبو الفتح البستيّ: [الطويل]

وما غربة الإنسان في شقّة النّوى ... ولكنّها والله في عدم الشّكل

وإني غريب بين بست وأهلها ... وإن كان فيها أسرتي وبها أهلي


(١) البيت في ديوان البحتري ص ٢٦٢٩.
(٢) البيتان للبحتري في ديوانه ص ١١٣٣.
(٣) الأبيات في سقط الزند ص ١٦٤١، ١٦٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>