أخبر الحارث بن همّام، قال: أزمعت التبريز من تبريز، حين نبت بالذّليل والعزيز، وخلت من المجير والمجيز؛ فبينما أنا في إعداد الأهبة، وارتياد الصّحبة، ألفيت بها أبا زيد السّروجيّ ملتفّا بكساء، ومحتفّا بنساء، فسألته عن خطبه، وإلى أين يسرب مع سربه؛ فأومأ إلى امرأة منهنّ باهرة السّفور؛ ظاهرة النّفور، وقال:
تزوّجت هذه لتؤنسني في الغربة، وترحض عنّي قشف العزبة، فلقيت منها عرق القربة، تمطلني بحقّي، وتكلّفني فوق طوقي، فأنا منها نضو وجى، وحلف شجو وشجى. وها نحن قد تساعينا إلى الحاكم، ليضرب على يد الظّالم؛ فإن انتظم بيننا الوفاق، وإلّا فالطّلاق والانطلاق.
قال: فملت إلى أن أخبر لمن الغلب، وكيف يكون المنقلب! فجعلت شغلي دبر أذني، وصحبتهما وإن كنت لا أغني.
***
أزمعت: عزمت، والزّماع العزم، والتّبريز: الخروج إلى البراري، وهي الأرض الفضاء بلا شجر. تبريز: قرية من كور أذربيجان من عمل خراسان، بينهما وبين المراغة عشرون فرسخا.
نبت: قلعت وارتفعت المجير: الذي يجيرك من النّاس ويكفيك شرّهم، والمجيز:
الواهب الجائزة وهي الصّلة ارتياد: طلب محلّقا. محلقا. خطبه: أمره يسرب: يذهب، وسربه: جماعة نسائه. أومأ: أشار. باهرة: ظاهرة. والسّفور: كشف النّقاب عن الوجه.
ترحض: تغسل، ورحض الثوب يرحضه غسله قشف: تغيّر، ورجل متقشّف: لا يتعهد الغسل والنظافة. والقشف: سوء العيش. ومطله حقّه، كناية عن جماعه لها، والمطل في الأصل: