للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل قوله: [مجزوء الكامل]

ووتّرت أرباب الأرا ... ئك والدّرانك والسّجوف

وهي كثيرة، وفي الخمسين له كلام لا يليق إلا بالدهر، فجعل أخذ الحارث من أبي زيد، كناية عن علم الحريريّ بما جرّب من صروف الدهر.

قوله: «اقتعدت» أي ركبت، وأصله اتخذت قعدة أو قعودا، وهما اسمان للبعير يقعد عليه راكبه. والغارب: مقدّم سنام البعير. والاغتراب والغربة: التحوّل في البلدان والبعد عن الأوطان، وسيأتي ما أصلهما، وأراد: لما اتخذت ظهر الغربة قعودا. أنأتني:

أبعدتني. المتربة: الفقر. الأتراب: الأصحاب على سنن واحد. طوّحت: رمت.

وطوائح: نوائب؛ تقول: طوحت بالرجل، إذا رميت به إلى الهلاك، وقياس الطوائح المطاوح لأنك تقول: طوّحت فهي مطوحة والجمع مطوحات ومطاوح. قال أبو عبيد: جاءت الطوائح على حذف الزيادة، وردّ الفعل إلى أصله، فإنه من طاحت فهي طائحة، والجمع طوائح، قال أبو عمرو الشيبانيّ: جاءت على النّسب، مثل لابن وتامر، أي ذو لبن وذو تمر وذات تطويح، قال الشاعر: [الطويل]

ليبك يزيد ضارع لخصومة ... ومختبط ممّا تطيح الطوائح (١)

ومثله وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ [الحجر: ١٥]: تقديره ملاقح، لأنك تقول:

ألقحت الريح السحاب إذا جمعته وألقته، وضارع مرتفع بمضمر تقديره: يبكيه ضارع، وهو الذليل.

***

[[صنعاء]]

صنعاء، بلد باليمن، وأضافها إلى اليمن، لأن ثمّ صنعاء أخرى، وهي قرية بدمشق. وكان اسم صنعاء في القديم «أزال»، قال ابن الكلبيّ والشرقي (٢): ولما وافتها الحبشة قالوا: نعم، فسمّى جبلها نعم أي انظر، فلما نظروا إلى مدينتها ورأوها حصينة مبنية بالحجارة قالوا: هذه صنعاء، وتفسيرها هنيّة، فسميّت صنعاء.

وحكى الهمذاني قال: وأهل صنعاء يقولون في الإسلام: إنها القرية المحفوظة، وأنهم


(١) البيت للحارث بن نهيك في خزانة الأدب ١/ ٣٠٣، والكتاب ١/ ٢٨٨، وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص ٣٦٢، ولنهشل بن حري في خزانة الأدب ١/ ٣٠٣، ولضرار بن نهشل في الدرر ٢/ ٢٨٦، وللحارث بن ضرار في شرح أبيات سيبويه ١/ ١١٠، ولنهشل، أو للحارث، أو لضرار، أو لمزرد بن ضرار، أو للمهلهل في المقاصد النحوية ٢/ ٤٥٤، والبيت بلا نسبة في الخصائص ٢/ ٣٥٣، ٤٢٤، ولسان العرب (طوح).
(٢) هو الشرقي بن قطامي، واسمه الوليد والشرقي لقبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>