للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعوا هاتفا يقول في بعض أيام من حاربهم: كلّ عليك يا أزال، وأنا أتحنن عليك!

وأقدم قصور اليمن وأنبهها ذكرا، وأبعدها صيتا غمدان وقصر أزال، وهي صنعاء.

والذي أسس غمدان وابتدأ بنيانه واحتفر بئره الذي هو اليوم سقاية لمسجد جامع صنعاء، سام بن نوح عليه السلام، على ما يذكره علماء صنعاء واليمن، وذلك أنّه لما مات نوح اجتوى بعده السكنى في الأرض الشمالية، فأقبل طالعا في الجنوب يطلب أطيب البلاد، حتى صار إلى الإقليم الأول، فوجد اليمن أطيبه مسكنا، وصنعاء أطيب اليمن، فوضع مقراته- وهى الخيط الذي يقدر به البناء ويبنى على حده- فوضع الأساس في ناحية فجّ غمدان في غربيّ الجبل، وهو اليوم معروف بصنعاء، فلما ارتفع بعث الله طائرا، فاختطف المقراة فطار بها، وتبعه سام، لينظر أين يقع؛ فأمّ بها جنوب النّعم من سفح نعم، فوقع بها، فلما اتبعه طار بها، وطرحها على حرّة غمدان، فلما قرّت، علم سام أنه قد أمر بالبناء هنالك؛ فأسس غمدان. واحتفر بيده بئره المسمى كرامة. ويستقى منها إلى اليوم لكنها أجاج.

خاوي الوفاض: فارغ المزاد، ويقال: خوى الرّجل، إذا سجد فترك بين جسده وبين الأرض خواء، وخوى البعير: برك على هذه الحال. والوفاض: جمع وفضة وهي شبه الجراب، وهي أيضا كنانة السهام إذا كانت من جلد لا من خشب، فإن كانت من خشب مجلد أو غير مجلد فهي كنانة أو جعبة.

ابن سيده في المحكم: الوفضة خريطة يحمل فيها الراعي أداته وزاده. والوفضة:

جعبة السهام. قال أبو منصور الأزهري معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم «أنه أمر بصدقة [أن] توضع في الأوفاض» (١): إنهم أخلاط الناس. قال الفراء: هم أهل الصّفّة. أبو عبيد: هذا كله عندنا واحد؛ لأن أهل الصّفّة أخلاط من قبائل شتّى، ويمكن أن يكون مع كل واحد منهم وفضة، فعلى هذا من قصر الوفضة على الجعبة، وخطأ الحريري بأن الزاد لا يكون في الجعبة، فهو المخطي والجاهل باتساع اللغة. بادي الإنفاض: ظاهر الفقر، وقد أنفض، إذا فنى زاده. وأنفض الجراب إذا انتفض وسقط ما من فيه من بقية الزاد، ومنه قولهم:

النّفاض يقطّر الجلب، أي فناء زادهم يجعل إبلهم قطارا، أي مربوطة بعضها خلف بعض، تساق إلى السوق فتباع، فيأكلون ثمنها، قال الهذلي: [المتقارب]

له ظبية وله عكّة ... إذا انفض القوم لم ينفضّ (٢)

ظبية: جريب صغير من جلد ظبي. بلغة: زاد للمسافر يبلغ به من يومه إلى


(١) أخرجه بنحوه أحمد في المسند ٦/ ٣٩٠، ٣٩١.
(٢) البيت لأبي المثلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٣٠٥، ولسان العرب (نفض)، (أبل)، وجمهرة اللغة ص ٣٦٣، وتاج العروس (نفض)، (عكك)، وبلا نسبة في أساس البلاغة (ظبي).

<<  <  ج: ص:  >  >>