للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقامة الثانية والأربعون وهي النّجرانيّة

حكى الحارث بن همام قال: ترامت بي مرامي النّوى، ومساري الهوى؛ إلى أن صرت ابن كلّ تربة، وأخا كلّ غربة؛ إلا أنّي لم أكن أقطع واديا، ولا أشهد ناديا؛ إلّا لاقتباس الأدب المسلي عن الأشجان، المغلي قيمة الإنسان؛ حتى عرفت لي هذه الشّنشنة، وتناقلتها عنّي الألسنة، وصارت أعلق بي من الهوى ببني عذرة، والشجاعة بآل صفرة.

***

ترامت بي: رمتني هذه إلى هذه وهذه إلى هذه. والمرامي: المواضع التي ترميه.

والمساري: مواضع السّرى، وهو سير اللّيل، وهو جمع مرمى ومسرى، ويكون المرمى والمسرى مصدرين. والنّوى: الغربة والبعد عن الأهل، أراد أنّ البلاد والجهات ترميه بلدة إلى بلدة، وجهة إلى جهة، فهو أبدا في الجولان. وابن كلّ تربة، أي ينسب لكل بلدة لكثرة ما يظهر فيها. ناديا: مجلسا. الاقتباس: الاكتساب. المسلي: المذهب للهمّ، وتسلّيت عن الهمّ: نسيته. والأشجان: الأحزان، وقد تقدم شرح هذه المعاني وتكرّر.

الشّنشنة: الطبيعية. أعلق: ألصق.

[[بنو عذرة]]

وبنو عذرة: قبيلة معروفة من قبائل العرب، وهم أولاد عذرة بن سعد بن هذيم بن زيد بن ليث بن سويد بن أسلم بن الحاف بن قضاعة.

الفنجديهيّ: عذرة قبيلة من العرب، يستلذّون مرارة العشق مثل الضرب، جبلت المحبة في طينتهم، وجنيت المودّة من لينتهم، وصار الهوى وصفهم الذي لا ينفك، ورهائن قلوبهم من حرارات الشوق لا تفكّ، استأسرهم العشق أسرا، واستأصلهم الحب قهرا وقسرا؛ فمنهم من يموت من أوام غرامه، ومنهم من يموت بهيام سقامه.

ومن مشاهيرهم جميل بن عبد الله بن معمر العذريّ صاحب بثينة بنت عبد الله العذريّة، وعروة بن حزام صاحب عفراء بنت مالك العذريّين.

وقال: سعيد بن عتبة الهمدانيّ: قلت لأعرابيّ: ممن أنت؟ قال: من قوم إذا عشقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>