عرضت الشيء على البيع وعرّضته للبيع، إن أتيت بعلى خفّفت الراء، وإن أتيت باللام شدّدتها. والحقيبة: وعاء يجعله الراكب خلفه، والاعتبار والاختبار واحد.
... فابتدر أحد من حضر، وقال: أعرف بيتا لم ينسج على منواله، ولا سمحت قريحة بمثاله، فإن آثرت اختلاب القلوب، فانظم على هذا الأسلوب:[البسيط]
فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت ... وردا وعضّت على العنّاب بالبرد
... قوله:«ابتدر»، أي سبق بالكلام وبادر به. والمنوال: خشبة الحائك؛ يريد أنّ البيت رفيع الصنعة في الشّعر لم يصنع بيت مثله، لأنّ الثوب أنواع، وصنعة الشعر تشبه نسج الثوب. سمحت: جادت. قريحة: ذهن. آثرت: فضّلت. اختلاب القلوب: إمالتها إليك بتصديقك وانخداعك بما تبديه، وهو من الخلب وهو من غشاء القلب. وعن أبي عبيدة وغيره قال ثعلب: الخلب: الّذي بين الزيادة والكبد، يقال: خلبني حبّ فلان، أي وصل حبّه إلى خلبي، وفلان خلب نساء، أي تخلبه النساء، وخلّاب: يخلب الناس، أي يذهب بقلوبهم، وخلب جمعه خلبة، وكلّه من الخلب، قال أعرابيّ:[البسيط]
من كان لم يدر ما حبّ جمعت له ... أو كان في غفلة أو كان لم يجد
فالحبّ أوّله روع وآخره ... مثل الحرارة بين الخلب والكبد
[انظم: قل شعرا منظوما. والأسلوب: الطريقة].
لؤلؤا: درّا. النرجس: نوّار أصفر في نوره انكسار وفتور لا يكاد يرى، له ورقة قائمة، تشبّه به العينان إذا كان في نظرهما فتور.
[[ما قيل في النرجس]]
وقد تمادى إنكار أدباء وقتنا تشبيه العين بهذا النوّار الأصفر المعروف عندنا بالنرجس، فأكثرهم ينكر أن يكون يقع به تشبيه لأجل صفرته، وإن ذكرته لأحد قال:
وأيّ صفرة في العين إلّا أن يكون بصاحبها علّة اليرقان! ويستهجن موضع التشبيه جدّا.
وقد سألت عنه بعض أشياخي في صغري، وأنا أقرأ عليه كتاب «الجمل» وكان أديبا شاعرا، فأنكر وقوع التشبيه بهذا النّور الأصفر، وقال لي: النّرجس عندهم بالمشرق نور يشبه نوّار القول، وأكثر من لقيته يستبعد التشبيه بهذا الأصفر، لأجل لونه، وذلك لقلّة تحصيلهم معرفة كلام العرب وتشبيهاتها، والعرب توقع تشبيهاتها على الصورة دون المعنى، وعلى المعنى دون الصورة، وعليهما جميعا؛ وهو أكمل وجوه التشبيه. وانظر أقسام التشبيه في الثالثة والعشرين تقع على علم هذا وغيره بإذن الله تعالى.