حدّث الحارث بن همام، قال: ندوت بضواحي الزّوراء، مع مشيخة من الشّعراء، لا يعلق لهم مبار بغبار، ولا يجري معهم ممار في مضمار، فأفضنا في حديث يفضح الأزهار، إلى أن نصفنا النّهار. فلمّا غاض درّ الأفكار، وصبت النّفوس إلى الأوكار، لمحنا عجوزا تقبل من البعد، وتحضر إحضار الجرد، وقد استتلت صبية أنحف من المغازل، وأضعف من الجوازل، فما كذّبت إذ رأتنا، أن عرتنا، حتّى إذا ما حضرتنا قالت:
***
ندوت، أي خرجت، ويقال: ندت الإبل تندّ وإذا خرجت من المشرب ترعى فيما قرب منه، وهو الذي قصد، لأنه أراد أنه خرج مع أصحابه خارج البلد يستريحون ثم يرجعون. والضّواحي: المواضع البارزة للشمس.
***
[[الزوراء]]
والزوراء، هي في الجانب الشرقيّ من بغداد، وسمّيت زوراء لازورار قبلتها، أي لانحرافها. وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تكون مدينة بين الفرات ودجلة يكون فيها ملك بني العباس، وهي الزّوراء يكون فيها حرب مفظعة تسبى فيها النساء، وتذبح فيها الرجال كما يذبح الغنم».
والزّوراء هي بغداد، ويقال لها الزّوراء، ومدينة السلام، ومدينة المنصور، وبغداد وبغداذ وبغدان وبغذان وبغذام وبغذام وبغداد- عن الفراء.
وبعضهم يقول: تفسيره بستان رجل، فبغ بستان، وداد رجل. وقيل: بغ صنم، وداد عطيّة وإنما اختلفت العرب في لفظها إذ لم تكن من كلامها، ولا اشتقاق لها من لغتها، وأشهر لغاتها بغداد، بدالين وبغدان، بالنون. وكان الأصمعيّ رحمه الله لا يقول بغداد، وإنما يقول مدينة السلام، لأنّ بغ عندهم اسم صم، وداد عطيّة بالفارسية فكأنها