للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر الامتزاج الذي ذكر في الخامسة والأربعين.

عنايته: اعتناؤه به واهتمامه.

***

فبينما أنا عند حاكم الإسكندريّة، في عشيّة عريّة، وقد أحضر مال الصّدقات، ليفضّه على ذوي الفاقات، إذ حلّ شخص عفرية، تعتله امرأة مصبية، فقالت: أيّد الله القاضي، وأدام به التّراضي، إنّي امرأة من أكرم جرثومة، وأطهر أرومة، وأشرف خئولة وعمومة، ميسمي الصّون، وشيمتي الهون، وخلقي نعم العون، وبيني وبين جاراتي بون، وكان أبي إذا خطبني بناة المجد، وأرباب الجدّ، سكّتهم وبكّتهم، وعاف وصلتهم وصلتهم، واحتجّ بأنّه عاهد الله بحلفة، ألّا يصاهر غير ذي حرفة

***

[[الإسكندرية]]

مدينة عظيمة من بلاد مصر، بناها الإسكندر ذو القرنين، وهو الذي مشى مشارق الأرض ومغاربها. قال السدّيّ: لما سأل أهل الكتاب النبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين، قال:

سأخبركم كما تجدونه مكتوبا عندكم: إنّ أول أمره أنه غلام من الروم، أعطي ملكا، فسار حتى أتى ساحل البحر من أرض مصر، فابتنى عندها مدينة يقال لها الإسكندرية.

وقال الهمذانيّ: ذو القرنين ينسب إليه التاريخ قبل الإسلام، ومؤدّبه أرسطاطاليس الحكيم، وكان ملكه الذي بلغ فيه أقصى المشرق والمغرب خمسة عشر عاما، والإسكندرية لما بناها رخّمها بالرخام الأبيض جدرها وأرضها، فكان لباسهم فيها السواد من نصوع بياض الرخام، وإذا كانت ليلة مقمرة يدخل الخياط الخيط في خرق الإبرة من بياض رخامها.

وقيل: إنها مكثت سبعين عاما لا يدخلها أحد إلا وعلى بصره خرقة سوداء من بياض جصّها ورخامها، ولم يحتج لها في تلك المدة إلى سراج بالليل من ضيائها.

وقيل: كانت ثلاث مدن يحيط بجميعها سور.

قال ابن جبير: ما شهدنا بلدا أوسع مسالك، ولا أعلى بناء، ولا أعتق ولا أحفل من الإسكندرية، وأسواقها في نهاية الاحتفال ومن أعجب ما في وصفها أن بناءها تحت الأرض كبنائها فوقها وأعتق، لأنّ الماء إذا جاء من النيل يخترق جميع آبارها وأزقّتها تحت الأرض، فتتصل الآبار بعضها ببعض، ويمدّ بعضها بعضا، وعاينّا فيها من سواري الرّخام وألواحه كبرا وعلوّا واتساقا حسنا ما لا يتخيّل إلا بالوهم؛ حتى إنك تلقى بعض

<<  <  ج: ص:  >  >>