للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلقّح آمالا وترجو نتاجها ... وعمرك مما قد ترجّيه أقصر

وهذا صباح اليوم ينعاك ضوأه ... وليلته تنعاك لو كنت تشعر

تحوم على إدراك ما قد كفيته ... وتقبل بالآمال فيها وتدبر

رزقك لا يعدوك إمّا معجّل ... على حاله يوما وإمّا مؤخّر

وقال محمود الوراق: [المنسرح]

علام يسعى الحريص في طل ... ب الرزق بطول الرواح والدّلج

يا قارع الباب ربّ مجتهد ... قد أدمن القرع ثم لم يلج

فاطو على الهمّ كفّ مصطبر ... فآخر الهم أوّل الفرج

وقال عبد الصمد بن المعذّل: [المتقارب]

وأعلم أنّ بنات الرجا ... تحلّ العزيز محلّ الذليل

وأن ليس مستغنيا بالكث ... ير من ليس مستغنيا بالقليل

قوله: المحوا: انظروا. كرّه: رجوعه. محاله: شدّته ومعاداته وخداعه. طمس:

محا وأذهب. معلما: موضعا مرتفعا، تعلم به الجهة التي هو فيها. طحطح: أهلك وفرّق. عرمرما: جيشا كبيرا. دمّر: أهلك، والدمار: الهلاك.

[[الدهر وما قيل فيه]]

ونذكر بعض من ذمّ الدهر من ملوك الإسلام.

من ذلك أنّ سليمان بن عبد الملك لبس في يوم الجمعة لباسا شهر به، ودعا بتخت فيه عمائم، وبيده مرآة، فلم يزل يعتمّ بواحدة بعد أخرى، وأرخى سدولها، وأخذ بيده مخصرة، واعتلى منبره ناظرا في عطفيه، وجمع حشمه، وقال: أنا الملك الشاب، السيد الحبحاب، الكريم الوهاب. فتمثّلت له إحدى جواريه، فقال:

كيف ترين أمير المؤمنين؟ فقالت: أراه منى النفس وقرّة العين، لولا ما قال الشاعر: [الخفيف]

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان

أنت خلو من العيوب ومما ... يكره الناس غير أنك فاني

فدمعت عيناه، وخرج على الناس باكيا، فلما فرغ من صلاته رجع ودعا الجارية، وقال لها: ما حملك على ما قلت؟ قالت: والله ما رأيتك ولا دخلت عليك. فأكبر ذلك، ودعا بقية جواريه فصدّقنها على ذلك، فراعه ذلك ولم يبق إلا مديدة حتى مات.

الفضل بن الربيع، قال: كنت مع المنصور في السفر الذي مات فيه، فنزلنا بعض المنازل، فدعا بي وهو في قبّته إلى حائط، وقال: ألم أنهكم أن تدعواالعامة تدخل هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>