للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخياطة بعد رقعة، ولا يكون إلا في جلد، وأنشد يعقوب: [الرجز]

ترى برجليه شقوقا في كلع ... من بارئ حيص ودام منسلع (١)

الكلع: الوسخ، ومنسلع: متشقق. القصاص: أخذ الحق في الجنايات. وتنهر:

توسّع فترده كالنّهر. الفتق: الخرق. وتسرح: تذهب. لوى عنانه: أماله وعطفه. جثم:

برك. راصعا: لاصقا بالأرض والرّصع: تباعد ما بين الركبتين، ورصع بالشيء يرصع رصوعا إذا لازمه. استثرتموني: طلبتموني واستخرجتم ما عندي. والبحث: المناقشة في السؤال، وأصله الصّيد تقول: استثرت الصيد؛ إذا بحثت عليه حتى تقيمه من مرقده.

[[حكم سليمان في صاحب الحرث وصاحب الغنم]]

قوله: حكم سليمان في الحرث. كان سليمان عليه السلام، فيما ذكروا أبيض، وضيئا، جسيما كثير الشّعر، يلبس من الثياب البياض. فلما بلغ مبلغ الرجال، كان أبوه في أيام ملكه يشاوره في أموره، وكان هذا الحكم- فيما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما- أن رجلين دخلا على داود عليه السلام، أحدهما صاحب حرث، والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الحرث: يا نبيّ الله، انفلتت غنم هذا في زرعي ليلا، فرتعت في حرثي، فلم تستبق منه شيئا، فقال له داود: اذهب، فإن الغنم لك، فملّكه رقابها بما أكلت من حرثه، فلما خرجا من عنده خطرا على سليمان عليه السلام، فأخبراه بقضاء أبيه، فقال: لو وليت أمركما لقضيت بغير هذا. فأخبر داود عليه السلام، فدعاه وقال له:

كيف كنت تقضي بينهما؟ فقال: أدفع الغنم إلى صاحب الحرث، فيكون له رسلها ونسلها وصوفها، ويبذر صاحبه لصاحب الحرث مثل حرثه، فإذا صار الزرع كهيئته يوم أكل، أخذ غنمه. فقال داود: القضاء ما قضيت به، وحكم بقضاء سليمان عليهما السلام.

وقال ابن مسعود وشريح ومقاتل: أراد بالحرث الكرم، وأن الغنم أكلت قضبانه، فأفسدته، فحكم بها داود لصاحب الكرم، ولم يكن بين الغنم والكرم تفاوت، فمرّوا بسليمان عليه السلام، وهو ابن إحدى عشرة سنة، فقال: يعمل الراعي في إصلاح الكرم حتى يعود كهيئته، ثم يأخذ غنمه.

ومن عجائب حكم سليمان عليه السلام ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: بينا امرأتان معهما ابناهما، إذ جاء الذئب، فذهب بأحدهما، فقالت: هذه إنما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنّما ذهب بابنك، فاختصما إلى داود عليه السلام، فقضى به للكبرى فمرّتا على سليمان، فأخبرتاه، فقال عليه السلام: «ائتياني


(١) الرجز لحكيم بن معية في لسان العرب (سلع)، (كلع)، وله أو لأبي محمد الفقعسي في تاج العروس (سلع)، ولسان العرب (طبع)، ولعكاشة السعدي في تاج العروس (كلع)، وبلا نسبة في لسان العرب (قسس)، وديوان الأدب ٢/ ٤٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>