فقلت: بالإيمان والتصديق، غير أنا قد أصبنا من هذه الذنوب، فقال: أما إنّي سأغفرها لك.
وتوفّي لخمس مضين من جمادى الأولى سنة ست وثلاثمائة، وبلغ سنه سبعا وخمسين سنة وستة أشهر، ودفن في حجرة، بسويقة غالب ببغداد رحمة الله عليه.
[[من شعر النسيب]]
ونذكر الآن من نفيس الشعر المضمّن «من ظفر من محبوبه بمراده من الوصال، ثم عفّ عما يخلّ بأهل الجلال»، قال إدريس بن اليمان: [البسيط]
لم تدر ما خلّدت عيناك في خلدي ... من الغرام ولا ما كابدت كبدي
أفديك من زائر رام الدنوّ فلم ... يسطعه من حرق في الدّمع متّقد
خاف العيون، فوافاني على عجل ... معطّلا جيده إلّا من الغيد
عاطيته الكأس فاستحيت مدامتها ... من ذلك الشّنب المعسول والبرد
حتى إذا غازلت أجفانه سنة ... وصيّرته يد الصّهباء طوع يدي
أردت توسيده خدّي وقلّ له ... فقال: كفّك عندي أفضل الوسد
فبات في حرم، لا غدر يزعجه ... وبتّ ظمآن لم أصدر ولم أرد
بدر ألمّ وبدر التّمّ منمحق ... والأفق محلولك الأرجاء من حسد
تحيّر الليل فيه، أين مطلعه ... أما درى اللّيل أن البدر في عضدي!
وقال الرّماديّ: [السريع]
وليلة راقبت فيها الهوى ... على رقيب غير وسنان
والرّاح ما تنزل عن راحتي ... وقتا ومن راحة ندماني
وربّ يوم قيظه منضج ... كأنّه أحشاء ظمآن
أبرز من خدّيه لي رشحه ... طلّا على ورد وسوسان
وكان في تحليل أزراره ... أقود لي من ألف شيطان
فتحت الجنّة من جيبه ... فبتّ في جنّة رضوان
مروءة في الحبّ تنهي بأن ... يجاهر الله بعصيان
وقال سعيد بن حميد: [الخفيف]
زائر زارنا على غير وعد ... أهيف الكشح، مثقل الأرداف
غالب الخوف حين غلبه الشّو ... ق فأخفى الهوى وليس بخافي
غضّ طرفي عنه تقى الله واختر ... ت على بذله بقاء التّصافي