ثمانمائة قصّة، فلقد أصاب فما أخطأ، وأسرع فما أبطأ، ثم قال: يا ربيع أتراني لا أحسن التدبير والسياسة، ولكني وجدت شمّ الآس، وشرب الكأس، والاستلقاء من غير نعاس، أشهى إليّ. وكذلك خلعت قبله الوليد بن يزيد، وبعده المتوكل وغيرهم من الخلفاء والأمراء، ممّن آثر راحة النفس على تعب السياسة.
قوله: «تبهر» أي تسقيه بالبهار، وهو شبه الإبريق، وقيل: تبهر، تغلب العقول بحسنها، يقال: بهر بهرا، إذا غلبه، وبهر القمر السماء: ملأها بنوره تزهر: تضيء.
شموع: مصابيح الشمع. آس: ريحان. عبهر: نرجس، وقيل: ياسمين، قال عليّ رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شمّوا النّرجس ولو في اليوم مرّة واحدة، ولو في الشهر مرّة واحدة، ولو في الدّهر مرّة واحدة، فإنّ في القلب حبّة من الجنون والجذام والبرص، لا يقلعها إلا شم النّرجس».
وقال عليّ رضي الله عنه: حباني النبيّ صلى الله عليه وسلم بالورد، وقال: «أما إنه سيّد ريحان الجنّة بعد الآس».
وقال أردشير بن بابك: الورد درّ أبيض، وياقوت أحمر، على كراسيّ زبرجد أخضر، بوسطه شذور من ذهب أصفر، له رقة الخمر، ونفحات العطر.
[[مما قيل في الأزهار شعرا]]
ونذكر هنا طرفا من المنظوم في الأزهار يليق الموضع بحول الله تعالى، قال محمد بن عبد الله بن طاهر ملمّا بقول أردشير: [البسيط]
كأنهنّ يواقيت يطيف بها ... زمرّد وسطه شذر من الذّهب
فاشرب على منظر مستظرف حسن ... من خمرة مزجت كالجمر في اللهب
وللمعتمد بن عباد: [السريع]
كأنّما ياسميننا الغضّ ... كواكب في السماء تبيضّ
والطرق الحمر في جوانبه ... كنهد عذراء مسّه عضّ
ولأبي الفضل الميكاليّ:
وما ضمّ شمل الأنس يوما كنرجس ... يقوم بعذر اللهو عن خالع العذر
فأحداقه أحداق تبر وساقه ... كقامة ساق في غلائله الخضر
ولعضد الدولة: [البسيط]
يا طيب رائحة من نفحة الخير ... إذا تمزق جلباب الدّياجير
كأنما رشّ بالماورد واعتبقت ... به دواخن ندّ عند تبخير
كأنّ أوراقه في القدّ أجنحة ... حمر وصفر وبيض من زنابير