حكى الحارث بن همام، قال: أزمعت الشّخوص من برقعيد، وقد شمت برق عيد، فكرهت الرّحلة عن تلك المدينة، أو أشهد بها يوم الزّينة. فلمّا أظلّ بفرضه ونفله، وأجلب بخيله ورجله، اتّبعت السّنّة في لبس الجديد، وبرزت مع من برز للتعبيد وحين التأم جمع المصلّى وانتظم، وأخذ الزّحام بالكظم، طلع شيخ في شملتين، محجوب المقلتين، وقد انتضد شبه المخلاة، واستقاد العجوز كالسّعلاة، فوقف وقفة مهافت، وحيّا تحيّة خافت. ولمّا فرغ من دعائه، أجال خمسة في وعائه؛ فأبرز منه رقاعا قد كتبن بألوان الأصباغ، في أوان الفراغ، فناولهنّ عجوزه الحيزبون، وأمرها بأن تتوسّم الزّبون، فمن آنست ندى يديه، ألقت منهنّ ورقة لديه، فأتاح له القدر المعتوب، رقعة فيها مكتوب ...
***
ازمعت الشخوص، أي عزمت على الخروج. برقعيد: بلد بينه وبين الموصل عشرون فرسخا، . شمت: نظرت.
ويريد بيرق عيد، مقدّمات العيد التي ينظر الناس بها في أسبابه، سأل رجل الجنيد، لماذا سمّي يوم العيد؟ فقال: لأنّ آدم لمّا خرج من الجنة، وأهبط إلى الأرض، ثم تاب الله عليه، فردّه إلى الجنة، كان في ذلك اليوم؛ فقيل له يوم عيد، لأنه أعيد إلى الجنة فيه، قال ابن الأنباريّ رحمه الله: معنى يوم العيد، الّذي يعود فيه الفرح والسرور. والعيد عند العرب: الوقت الذي يعود فيه الفرح أو الحزن، وأصله «العود» لأنه من عاد يعود، فلما سكّنت الواو وكسر ما قبلها قلبت ياء، فصارت من باب ميزان وميقات، وهما من الوزن والوقت، وكذلك الياء إذا سكنت، وانضمّ ما قبلها قلبت واوا مثل موسر وموقن، وهما من أيسر وأيقن، ويقولون في الجمع مياسر.
المدينة: البلد، من أخذها من مدن بالمكان يمدن، إذا أقام فيه، فهي «فعيلة» والجمع مدائن بالهمز، والميم أصلية والياء زائدة، ومن أخذها من دان يدين، فالميم