سريعة الدثور، واقدعوها فإنها طامحة وإنكم إن لم تقدعوها تنزع بكم إلى شر غاية.
وقال لمطرّف بن عبد الله بن الشّخير: عظ أصحابك، فقال له: إني أخاف أن أقول ما لا أفعل، فقال له: يرحمك الله، وأيّنا يقول ما يفعل! يودّ الشيطان أنه ظفر بهذه منكم، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر.
ونظر إلى الناس في مصلّى البصرة يضحكون ويلعبون في يوم عيد، فقال: إن الله تعالى جعل الصوم مضمارا لعبيده، ليستبقوا إلى طاعته، ولعمري لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه، ومسيء بإساءته عن تجديد ثوب أو ترجيل شعر.
ومات في سنة عشرة ومائة وله تسعون وتقدم موت ابن سيرين بمائة يوم، ومات في رجب ليلة الجمعة.
وقال عبد الواحد بن زيد: رأيت ليلة مات الحسن في النّوم أبواب السماء كأنها مفتّحة، وكأنّ الملائكة صفوف، فقلت: أن هذا لأمر عظيم، فقال لي قائل: ألا إنّ الحسن البصريّ قدم على الله وهو عنه راض! .
وسمع بعض أصحابه في منامه ليلة مات كأنّ مناديا ينادي في السماء: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ [آل عمران: ٣٣]، واصطفى الحسن البصري على أهل زمانه
[[عامر بن شراحيل الشعبي]]
والشعبيّ، اسمه عامر بن عبد الله بن شراحيل بن عبيد بن ذي كبار الشعبيّ من شعب همدان، وكنيته أبو عمرو، منسوب إلى شعبان بن عمرو، وهو من حمير، فمن كان منهم باليمن فهو حميريّ، ويقال: له شعبانيّ، ومن كان بالعراق فهو همداني، ويقال له شعبيّ. وولد لستّ سنين من خلافة عمر رضي الله عنه سمع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن والحسين وجماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وهو كوفيّ، وبه يضرب المثل في الحفظ، فيقال: أحفظ من الشعبيّ.
وقال الزّهريّ: العلماء أربعة: سعيد بن المسيّب بالمدينة، وعامر الشعبيّ بالكوفة، والحسن البصريّ بالبصرة، ومكحول بالشأم.
وقال ابن شبرمة: سمعت الشعبيّ يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدّثني رجل قطّ بحديث إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده عليّ.
وقال الشعبيّ لأصحابه: ما أروى شيئا أقلّ من الشعر، ولو شئت لأنشدتكم شهرا لا أعيد.
وكان الشعبيّ فقيها عالما حافظا أديبا، وقال: لولا ما زوجت في الرحم ما قامت لأحد معي قائمة.