للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمّ تلقاني بمحيّا حييّ، وصافحني براحة أريحيّ، واقتادني إلى بيت عشاره تخور، وأعشاره تفور، وولائده تمور، وموائده تدور، وبأكساره أضياف قد جلبهم جالبي، وقلّبوا في قالبي، وهم يجتنون فاكهة الشّتاء، ويمرحون مرح ذي الفتاء، فأخذت مأخذهم في الاصطلاء، ووجدت بهم وجد الثّمل بالطّلاء.

***

محيّا: وجه. صافحني: واجهني وقابلني. براحة: بكفّ. أريحيّ: كريم يهتزّ للكرم. اقتادني: ساقني. ولائده: خدمه. تمور: تسير وتختلف. بالطعام موائده: جمع مائدة.

أبو عبيد: سمّيت مائدة لأنها ميد بها صاحبها، أي أعطيها وتفضّل عليه بها والعرب تقول: مادني فلان يميدني، إذا أحسن إليّ، فكأن المائدة تميد من حواليها مما أحضر عليها، قال رؤبة: [الرجز]

* إلى أمير المؤمنين الممتاد (١) *

أي المستعطي غيره، سميت مائدة لأنها تميد بها عليها، أي تتحرّك، وماد الغصن يميد: مال، قال الله تعالى: وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ [الأنبياء: ٣١]، الجرمي يقال: مائدة وميدة وأنشد: [الرجز]

وميدة كثيرة الألوان ... تصنع للإخوان والجيران (٢)

وذكر القولين أبو محمد في درة الغوّاص وزاد أنه لا يقال لها مائدة إلا أن يحضر عليها طعام، وإلّا فهي خوان، واستدلّ بأن الحواريين لما اقترحوا على عيسى عليه السلام أن ينزل عليهم مائدة، قالوا نريد أن نأكل منها.

قال: وحكى الأصمعيّ قال: غدوت ذات يوم إلى زيارة صديق لي، فلقيني أبو عمرو بن العلاء فقال لي: إلى أين يا أصمعي؟ فقلت: إلى صديق لي، فقال: إن كان لفائدة أو لعائدة أو لمائدة، وإلّا فلا، وهذا باب يتسع كثيرا، وسأسوق جملة تأتي على أكثره.

[[الكرم وقرى الضيف]]

وهذه الحالة التي وصف من إيقاد النار هي التي كان يفعل حاتم، وكان إذا اشتدّ


(١) الرجز في ديوان رؤبة بن العجاج ص ٤٠، ولسان العرب (ميد)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢١٩، وتاج العروس (ميد).
(٢) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (ميد)، وتاج العروس (ميد)، وتهذيب اللغة ١٤/ ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>