للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلّب طرفه في الجماعة، ثمّ قال: اجتلوها بنت السّاعة، وأنشد: [الكامل]

عافاني الله وشكرا له ... من علّة كادت تعفّيني

ومنّ بالبرء على أنّه ... لا بدّ من حتف سيبريني

ما يتناساني، ولكنّه ... إلى تقضّي الأكل ينسيني

إن حمّ لم يغن حميم ولا ... حمى كليب منه يحميني

وما أبالي إن دنا يومه ... أم أخّر الحين إلى حين

فأيّ فخر في حياة أرى ... فيها البلايا ثمّ تبليني

***

قوله: قلّب طرفه، أي حوّل عينيه بنظرهم. اجتلوا: انظروا، ونسب الشعر للساعة لمّا قيل فيها. عافاني: أي سلّمني. تعفّيني: تهلكني. منّ: أنعم. حتف: هلاك. تقضّي الأكل: تمامه وآخره. ينسيني: يؤخّرني، والأصل الهمزة فسهّله للشعر. حمّ: قدّر.

حميم: صاحب.

[[حمى كليب]]

حمى كليب؛ هو ابن ربيعة أخو مهلهل الشاعر وخال امرئ القيس، وكان أعزّ الناس في العرب. وبلغ من عزه فيهم أنه اتخذ جرو كلب، فإذا نزل بمنزل فيه كلأ قذف ذلك الجرو فيه، فعوى فحيثما بلغ عواؤه لا يرعى أحد عشب ذلك الموضع إلا بإذنه، وإذا جلس لا يمرّ أحد بين يديه إجلالا له، ولا يخشى أحد في مجلسه غيره، ولا توقد نار غير ناره، ولا يجير تغلبيّ ولا يكريّ رجلا، ولا يحمي حمأ ولا يغير إلا بإذنه.

وكان يحمي الصيد فيقول: صيد كذا في جواري، فلا يصيب أحد منه شيئا، وكان قد حمي حمى لا يطؤه إنسان ولا بهيمة، فدخل فيه يوما فطارت قنبرة بين يديه من على بيضها، فقال لها: [الرجز]

يا لك من قنبرة بمعمر ... خلا لك الجوّ فبيضي واصفري

* ونقري ما شئت أن تنقّري* (١)


(١) الرجز لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٤٦، ولسان العرب (عمر)، (قبر). (نقر)، (جوا)، وجمهرة اللغة ص ٧٩٥، والحيوان ٣/ ٦٦، ٥/ ٢٢٧، والشعر والشعراء ١/ ١٩٤، وتاج العروس (عمر)، (نقر)، (جوا)، (الياء)، وتهذيب اللغة ٢/ ٣٨٤، ١١/ ٢٢٨، ولكليب بن ربيعة في لسان العرب (قبر)، (يا)، والتنبيه والإيضاح ٢/ ١٨٤، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٧٧٢، والخصائص ٣/ ٢٣٠، ورصف المباني ص ٢٢١، والعقد الفريد ٣/ ١٢٧، ٤/ ٣٤، والمنصف ١/ ١٣٨، ٣/ ٢١، والمخصص ١٢/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>