للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الأمير دبيس بن صدقة]]

وأما دبيس فهو الأمير سيف الدولة بن مزيد الأسديّ، وقيل: دبيس بن صدقة بن مزيد، وذكر أبو الحسن عليّ بن الحسين بن أبي طالب الباخرزيّ الأمير أبا الأعز دبيس ابن عليّ فقال: خدمته ببغداد، وعبرت إليه أخت يده الجواد- يعني دجلة- وهي زاخرة الأمداد، فإذا باحة للطارقين مباحة، وراحة في كفّها للعفاة راحة، وقباب التفّت بها غاب القنا، واشترك مع أسودها الناس في فرائس الغنى.

قال الفنجديهيّ: سمعت بعض أهل الفضل يقول ببغداد: لما سمع الأمير دبيس، أن الرئيس أبا محمد الحريري ذكره في مقاماته، وأورد فيها بعض صفاته، أنفذ إليه من الخلع السنيّة، والجوائز الهنيّة ومزية العطية، ما عجز عنه الوصف، وكلّ عنه الطرف، واقتضاه علوّ همته، وسموّ قدرته. ثم عصى دبيس على الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين أبي منصور الفضل بن المستظهر بالله، وسعى في إراقة دمه، وجمع العساكر وحشد، وقصد بغداد في عسكر عظيم، وعاث في أطرافها، وأفسد في أكنافها، فخرج المسترشد بالله أمير المؤمنين من دار الخلافة، واجتمعت إليه الأجناد، وظهر إليه وحمل عليه، فهزم دبيس وعسكره، وانتهى إلى الحلّة المزيدية، فانتهبها، وذلك في المحرّم في سنة سبع عشرة وخمسمائة. وانهزم دبيس في خواصّ من أصحابه وغلمانه خوفا من الخليفة، ومرّ نحو الشام ثم قتل الأمير دبيس بن صدقة بن مزيد في سنة ثلاثين أو في سنة تسع وعشرين، قتله السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه لأمور أنكرها وأسباب امتعض لها، نسبت إليه.

ثمّ انثال عليه من جوائز المجازاة، ووصائل الصّلات، ما قيض له الغنى، وبيّض وجه المنى، ولم يزل ينتابه الدّخل، مذ نتج السّخل؛ إلى أن أعطي البحر الأمان وتسنّى الإتمام إلى عمان؛ فاكتفى أبو زيد بالنّحلة، وتأهّب للرّحلة؛ فلم يسمح الوالي بحركته، بعد تجربة بركته، بل أوعز بضمّه إلى حزانته، وأن تطلق يده في خزانته.

قال الحارث بن همّام: فلمّا رأيته قد مال، إلى حيث يكتسب المال، أنحيت عليه بالتّعنيف، وهجنت له مفارقة المألف والأليف، فقال: إليك عنّي، واسمع منّي.

***

قوله: انثال، أي انصبّ. جوائز: عطايا وصائل: متّصلات غير منقطة، والوصائل:

ثياب حمر محططة تصنع باليمن يلبسها النساء، قال الشاعر: [الطويل]

* لها حبك كأنها من وصائل*

<<  <  ج: ص:  >  >>