للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عليّ بن الجهم: دخلت يوما على المتوكل، وهو جالس في صحن داره، وبيده غصن آس، وهو يتمثل بهذا الشعر [البسيط]

بالشّطّ لي سكن أفديه من سكن ... أهدي من الآس لي غصنين في غصن

فقلت إذ نظما إلفين وانتسقا ... سقيا ورعيا لفأل منكما حسن

فالآس لا شكّ آس من تشوّقنا ... شاف وآس تبقى لي على الزّمن

بشّرتماني بأسباب ستجمعنا ... إن شاء ربّي ومهما يقضه يكن

ثم قال لي- وكدت أنشقّ حسدا: لمن هذا الشعر يا عليّ؟ فقلت: للحسين بن الضحّاك يا سيّدي، فقال: هو والله عندي أشعرهم وأحسنهم مذهبا وأظرفهم نمطا، فقلت: وقد زاد غيظي: في هذا النمط يا سيدي؟ قال: وفي غيره، وإن رغم أنفك ومتّ حسدا، وأردت إنشاده قصيدة، فقلت: إني لا أنتفع بها مع ما جرى، فأخّرتها إلى وقت آخر.

قوله: تنهال، أي تنصبّ متفرقة. آل: رجع. خضراء: ناعمة لكثرة الرزق. حقيبة بجراء، أي وعاء ممتلئ، والأبجر: الذي خرجت سرّته ازدهاه: هزّه وأعجبه الرّيع:

الزيادة والفضل والبذر: ما يزرع من الحبوب حلب: لبن شطره: نصفه. نحتشم: نستحي أو نغضب. الأبلمة: الدّومة تشق ورقتها فتخرج أبدا معتدلة. تكفكف: تدفع وتكفّ.

دهمني: أصابني ازدلف: قرب.

***

[[الرجز]]

كيف رأيت خدعتي وختلي ... وما جرى بيني وبين سخلي

حتّى انثنيت فائزا بالخصل ... أرعى رياض الخصب بعد المحل

بالله يا مهجة قلبي قل لي ... هل أبصرت عيناك قطّ مثلي

يفتح بالرّقية كلّ قفل ... ويستبي بالسّحر كلّ عقلي

ويعجن الجدّ بماء الهزل ... إن يكن الإسكندريّ قبلي

فالطّلّ قد يبدو أمام الوبل ... والفضل للوابل لا للطّلّ

قال: فنبّهتني أرجوزته عليه، وأرتني أنّه شيخنا المشار إليه، فقرّعته على الابتذال، والالتحاق بالأرذال، فأعرض عمّا سمع، ولم يبلّ بما قرع، وقال: كلّ الحذاء يحتذي الحافي الوقع. ثم قاصاني مقاصة المهان، وانطلق هو وابنه كفرسي رهان.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>