للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[عبد الحميد الكاتب]]

وأما عبد الحميد، فهو ابن يحيى بن سعيد، كاتب مروان بن محمد، آخر ملوك في أمية، وكتب أيضا للمنصور. وقيل إنه قتل مع مروان.

وكان رأسا في الكتابة، ومقدما في الفصاحة والخطابة، بليغا مرسلا، وقال فيه ابن عبد ربه: كتب عبد الحميد بن يحيى لعبد الملك بن مروان، وكتب لسليمان بن عبد الملك، وليزيد بن عبد الملك، ثم لم يزل كاتبا لخلفاء بني أمية؛ حتى انقضت دولتهم.

وعبد الحميد أوّل من فتق أكمام البلاغة، وسهّل طرقها، وفكّ رقاب الشعر.

وقال له مروان حين أيقن بزوال ملكه: قد احتجت أن تصير مع عدوّي، وتظهر الغدر بي؛ فإنّ إعجابهم بآدابك يدعوهم إلى حسن الظنّ بك، فإن استطعت أن تنفعني في حياتي، وإلّا لم تعجز عن حفظ حرمتي بعد وفاتي. فقال له عبد الحميد: إنّ الذي أشرت به عليّ أنفع الأمرين لك، وأقبحهما لي، وما عندي إلا الصبر حتى يفتح الله لي ولك، أو أقتل معك. ثم قال: [الطويل]

أسرّ وفاء ثم أظهر غدرة ... فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره

وعبد الحميد هو صاحب الرسائل والبلاغات، وهو أوّل من أطال الرسائل، واستعمل التحميدات في فصول الكتب، واستعملت بعده، وهو القائل: البلاغة تقرير المعنى في الأفهام، من أقرب وجوه الكلام.

ولم يزل الشّعراء ومهرة الكتبة يضربون ببلاغته وكتابته الأمثال في كتبهم وأشعارهم في القديم والحديث، كفضل الصاحب وقرنائه، مع طبع سمح ولفظ عذب، وصلة نثر ينظم، فإن شاء قال: أنا الوليد، وإن شاء قال: أنا عبيد، وإن شاء قال: أنا عبد الحميد، وإن شاء قال: أنا سعيد.

وقيل: بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد.

***

[[أبو عمرو بن العلاء]]

وأما أبو عمرو فهو ابن العلاء بن عمار بن عبد الله بن الحصين بن الحارث بن جلهم بن خزاعيّ بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم: واسمه وكنيته واحد في الأشهر.

الفنجديهيّ: اختلف في اسمه على تسعة عشرة قولا، فقيل: اسمه محمد أو حميد أو حمّاد أو عثمان أو سفيان أو غير ذلك، وأصحّها زبّان.

واختلف في مولده. فقيل: ولد سنة خمس وستين بمكة في أيام عبد الملك بن مروان: وقيل: سنة سبعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>