للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقامة العاشرة وتعرف بالرحبيّة

حكى الحارث بن همّام قال: هتف بي داعي الشّوق، إلى رحبة مالك بن طوق؛ فلبّيته ممتطيا شملّة، ومنتضيا عزمة مشمعلّة. فلمّا ألقيت بها المراسي، وشددت أمراسي، وبرزت من الحمّام بعد سبت راسي، رأيت غلاما أفرغ في قالب الجمال، وألبس من الحسن حلّة الكمال.

***

هتف بي، أي دعاني، يقال: هتف بي هتفا وهتافا: دعاه، وهتف الحمامة: مدّت صوتها. والشّوق: تحرّك الحبّ، يريد أنّ شوقه إلى الرّحبة يهيج عليه حتى سار إليها، وجعل له داعيا مجازا. والرّحبة: مدينة شهيرة من عمالة الفرات، بناها مالك بن طوق، ووليها فنسبت إليه، وإليها تنسب الثياب الرحبيّة، وتعرف برحبة الشأم، وهي على يسار الطريق هي والرّقة في استقبالك الفرات جائيا من حرّان، وهي في آخر ديار ربيعة، وأول بلاد الشأم والفرات، بين ديار ربيعة والشأم، فإذا عبرته صرت في حدّ الشام.

[[مالك بن طوق]]

ومالك- كنيته أبو كلثوم- بن مالك بن عتّاب بن سعيد بن زهير بن جشم بن بكر ابن حبيب بن عمرو بن غنم بن ثعلب. وقال حبيب يمدحه ويذكر الرّحبة: [الكامل]

يا مال قد علمت ربيعة أنّه ... ما كان مثلك في الأراقم أرقم (١)

طالت يدي لمّا رأيتك سالما ... وأنيخ عن خدّى ذاك العظلم

وشممت ترب الرّحبة العبق الثّرى ... وشفى صداي البحر منها الخضرم

كم حلّ في أكنافها من معدم ... أمسى بها يأوي إليه المعدم

وقال فيه: [البسيط]

رأته في النوم عتّاب فقال لها ... ذو والفراسة: هذا صفوة الكرم (٢)


(١) الأبيات في ديوان أبي تمام ص ٢٧٥.
(٢) الأبيات في ديوان أبي تمام ص ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>