للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم عافاك الله، إن أبا العاضّ بظر أمه يدخل أجرة شهر في شهر، وأنا أيضا أدخل آية في آية، فلا أنا آخذ شيئا ولا الصبيّ يتعلم شيئا.

أبو بكر القبطيّ: عبرت على معلم وهو يملي على غلام بين يديه: «فريق في الجنة وفريق في السعيد»، فقلت: يا هذا ما قال الله من هذا شيئا إنما هو في السعير، فقال:

أنت تقرأ على حرف أبي عاصم بن العلاء الكسائي، وأنا أقرأ على حرف أبي حمزة بن عاصم المدني فقلت: معرفتك بالقراء أعجب إليّ؛ وانصرفت وروى بعض الفضلاء قال:

مررت في بعض قرى السّواد، وإذا معلم صبيان يقول: ويحكم يا صبيان، تفسون! فصاح به واحد منهم، وقال: إنّما فسا أخي، فقال المعلم: أني لأعلم فسوته الخبيثة، ولكن أعلّل نفسي بالأباطيل، ثم قال: أني لأعرف فساءكم كما أعرف أصواتكم، وحلف على ذلك ثم أنشد: [الطويل]

معلم صبيان يروح ويغتدي ... على أنفه ألوان ريح فسائهم

وقد أفسدوا منه الدّماغ بفسوهم ... ورفعهم أصواتهم في سحائهم

الجاحظ: كان في المدينة رجل معلّم صبيان، يفرط في ضربهم، فلاموه على ذلك، فساءني حاله معهم، فاستفتح صبيّ، وقال: يا معلم، وإنّ عليك اللعنة إلى يوم الدين ما بعده؟ فقال: بل عليك وعلى والديك لعائن الله تترى.

وجاء آخر فقال: يا معلم، اخرج منها فإنك رجيم، ما بعده؟ قال: ذاك أبوك الكشخان، وجاء آخر، فقال: يا معلّم ما لنا في بناتك من حقّ، ما بعده؟ فقال: لا ولا رأيتهنّ، فقال: على هذا أضربهم، أتعذرونني؟ قلت: نعم.

العتبي: كان ببغداد معلّم يشتم الصبيان فأخذت بيد المشايخ فدخلنا عليه، فقلنا: يا شيخ ما يحلّ لك أن تشتم هؤلاء الصبيان؟ فقال: أنا مبتلى بهم، ما أشتم إلا من يستحقّ الشتم، فاحضروا حتى تسمعوا بعض ما أنا فيه، فحضرنا معه، فقرأ عليه صبيّ: «عليها ملائكة غلاظ شداد يعصون الله ما أمرهم ولا يفعلون ما يؤمرون»، فقال: يا ماصّ بظر أمه، فليس هؤلاء ملائكة ولا أعراب ولا أكراد شهرزور، قال: فضحكنا والله حتى بال أحدنا في سراويله، فقرأ عليه آخر: «لا تنفقوا إلّا من عند رسول الله»، وتردّد فقال: من عند أبيك القرنان أولى، فإنه أكثر مالا يا بن الفاعلة. أتلزم النبي صلى الله عليه وسلم نفقة لا تجب عليه؟

أأعجبك كثير ماله؟ فقال: فكنت بعد ذلك أترك أشغالي، وأجلس عنده أتعجّب.

الجاحظ: سرق صبي عثمانيّ مصحفا، فقال له المعلم: ماذا لقيت المصاحف منكم يا آل عثمان! أبوك أحرقها وأنت تسرقها! .

قال أفلح التركي: خرجنا مرّة إلى حرب لنا، ومعنا معلم كان يقول: أنا أتمنى أن أرى الحرب كيف هي؟ فأخرجناه معنا، فأوّل سهم جاء وقع في رأسه، فلما انصرفنا دعونا له معالجا فنظر إليه، وقال: إن خرج الزّج وفيه شيء من دماغه مات، وإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>