للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، والعرب إذا وصفت الرجل بالسخاء، قالوا: هو رحيب الباع، وطويل الباع، وكريم الباع، والباع والبوع بسط اليد بالمعروف، وقد باع يبوع منه، ويقال للبخيل: قصير الباع. خصيب الرّباع، أي هو كثير المال فجمع له كرمه كثرة ماله، فالناس يجدون في كنفه الخصب وقد يراد بخصيب الرباع نافق سوق الأحكام فالمتعلّق به يجد الخصب.

تميميّ النّسب، أي من بني تميم وشرك الطباع مع النّسب، وهو يريد أنه كامل تام في خلقه، فنسب قبيلته لتميم، وطباعه التّمام والكمال فغلّب أحدهما، وشرك بينهما للقرب، قال ابن شرف: فيما يلمّ بهذا التشريك، ويحسن أن يمدح قاضي المقامة به لجوده: [البسيط]

جاور عليّا ولا تحفل بحادثة ... إذا ادّرعت فلا تسأل عن الأسل

اسم حكاه المسمّى في الفعال فقد ... حاز العليّين من قول ومن عمل

فالماجد السيّد الحرّ الكريم له ... كالنّعت والعطف والتوكيد والبدل

زان العلا وسواه شأنها، وكذا ... تميّز الشّمس في الميزان والحمل

وربّما عابه ما يفخرون به ... يشنأ من الخصر ما يهوى من الكفل

سل عنه وانطق به وانظر إليه تجد ... ملء المسامع، والأفواه والمقل

فإنه أراد بقوله: «حاز العلّيين» أي حاز عليّا بالاسمية، والعلوّ بالفعلية، وهذا مثل ما تقدم للحريريّ: [الخفيف]

جاد بالعين حين أعمى هواه ... عينه فانثنى بلا عينين

فقد أوقع التشبيه على شيئين، يتّفقان في اللفظ، ويختلفان في المعنى، وقد أنشدنا فيما تقدم لبعض المتأخرين: [البسيط]

فكيف أصبر عنها اليوم إذ جمعت ... طيب الهواءين ممدود ومقصور

فالمقصود هوى النفس، والممدود الهواء الذي بين السماء والأرض، وقد قدّمنا في تفسير قول الحريري، وحيّا المسجد بالتّسليمتين، أنّ السلام الواحد على من في المسجد عند دخوله، والثاني تحليل الصلاة.

وقوله: هنا تميميّ النسب والطباع من هذا القبيل، وأكثره في كلام المولدين، وهو مستعمل في كلام العرب، ولا يبعد أن يكون من هذا قولهم: التقى الثريان، فإنهم يريدون بذلك كثرة المطر، وأنه يبلغ في الأرض إلى التراب الندي، فالثرى الواحد المطر، والثاني التراب النّدي، على أنه يحتمل أن يريد بذلك أنّ التراب اليابس لما بله المطر، حتى لحق بالتراب النّدي، صار اليابس منهما يسمّى «ثرى» فقيل: التقى الثريان، وقال النابغة: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>