وقال عبد الله بن داود: لقد نال الناس بالخليل وعلمه الرّغائب، وإنه لبين أخصاص البصرة، يزهد فيما يرغب فيه.
وقال: ثلاث ينسين المصائب: مرّ الليالي، والمرأة الحسناء، ومحادثة الرجال.
النّضر: سمعت الخليل يقول؛ التواني إضاعة، والحزم بضاعة، والإنصاف راحة، واللجاج وقاحة.
وكان له غلام كثير الخلاف عليه، فقال له يوما: قم، فقال: لا أقوم، فقال: اقعد:
فقال: لا أقعد، قال: فأيّ شيء تصنع؟ قال: لا أصنع شيئا ويشبه هذا قول الشاعر في امرأته: [الطويل]
سكتّ فقالت لم سكتّ عن الحقّ ... وقلت فقالت: ما دعاك إلى النّطق
فأومأت هل من حال بين ذا وذا ... فقالت وذا الإيماء أيضا من الحمق
فلم أر لي إذ حلّت الغرب راحة ... من الشرّ إلا في الهروب إلى الشّرق
فلما أتيت الشّرق ألفيتها به ... وقد قعدت لي منه في ضيّق الطّرق
وإنما أكثرنا من أخباره لأنّها آداب، وحكم من اقتدى بها اهتدى، وما تركناه من أخباره أكثر، وذكر النحو والعروض مؤخّر إلى الخمسين إن شاء الله تعالى:
ولتقدّمه في العلم ضربت الشعراء به المثل، فمن ذلك قول أبي تمام يهجو عياش ابن لهيعة: [الوافر]
ولو نشر الخليل له لعمّت ... بلادته على فطن الخليل (١)
فما أدري عمائي عن رشادي ... دهاني أم عماك عن الجميل
وقال آخر: [مجزوء الكامل]
يا من يزيد تمقّتا ... وتباغضا في كل لحظه
والله لو كنت الخلي ... ل لما روينا عنك لفظه
وأنشد المبرد: [الكامل]
لم تدر ما علم الخليل فتقتدي ... ببيان ذاك ولا حدود المنطق
وقال المعرّي: [الطويل]
إذا قيل نسك فالخليل ابن آزر ... وإن قيل فهم فالخليل أخو الفهم
ابن مزاحم الشاعر: كان الخليل صديقا لي، فدخلت عليه يوما؛ فقال: أجز [الطويل]
* رأيت غنى الإنسان نفسا زكية*
(١) البيتان في ديوان أبي تمام ص ٣٠٥.