للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سننظر. ثم بعث إليها، وقال: إنّ الله قد أنزل عليك وحيا وعليّ، فهلمّي نجتمع فنتدارس ما أنزل الله، فمن عرف الحق تبعه، واجتمعنا، فأكلنا العرب أكلا بقومي وقومك.

فأنعمت له، فأمر بضرب قبّة من أدم، فضربت وأمر بالعود المندليّ فبخّرت به، وقال؛ أكثروا من الطيب، فإن المرأة إذا شمّت رائحته ذكرت الباه. وأتته إلى القبة، وقالت:

هات ما أنزل عليك ربك، فقال: «ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، ومن بين صفاق وحشى، من بين ذكر وأنثى، وأمات وأحيا، إلى ربكم يكون المنتهى». قالت: وما ذاك؛ قال: «ألم تر أن الله خلقنا أفراجا، وجعل لنا النساء أزواجا، فنولج فيهنّ قعسا إيلاجا، ونخرجه منهنّ إذا شئنا إخراجا»، قالت فبأيّ شيء أمر ربك؟

قال: [الهزج]

ألا هبّي إلى المخدع ... فقد هيّي لك المضجع (١)

فإن شئت ففي البيت ... وإن شئت ففي المخدع

وإن شئت سلقناك ... وإن شئت على أربع

وإن شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع

قالت: بل به أجمع. قال: كذلك أوحى إليّ. فواقعها فلمّا قام عنها قالت: إنّ مثلي لا ينكح هكذا، فيكون وصمة على قومي، ولكنّي مسلمة لك النبوّة، فاخطبني إلى أوليائي يزوّجوك، ثم أقود معك تميما. فخرج وخرجت معه، واجتمع الحيّان: حنيفة وتميم، فقالت:

سجاح: إنّه قرأ عليّ ما أنزل عليه، فوجدته حقا، فتبعته، ثم خطبها فزوّجوه منها.

وقال الأغلب العجلي في ذلك: [الرجز]

قد لقيت سجاح من بعد العمى ... ملوّحا في العين مشدود القوى

كأنّ عرق أيره إذا بدا ... حبل عجوز ضفرت سبعا قوى

ما زال عنها بالحديث والمنى ... والخلق السّفساف يردى في الرّدى

قال: ألا أدخله؟ قالت: بلى ... فشام فيها مثل محراب العصا

تقول لمّا غاب فيها واستوى ... لمثل هذا كنت أحسيك الحسى

واليمامة بلد الزرقاء وسيأتي ذكرها في الخمسين، فعلى نحو ما ذكرنا من أمر سجاح، ذكرها أكثر أهل الأخبار.

وقال الفنجديهيّ: سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقيان، من بني يربوع، كنيتها


(١) يروى صدر البيت الأول:
ألا قومي إلى المخدع
والأبيات لمسيلمة الكذاب في تاج العروس (خدع)، (سلق)، وجمهرة اللغة ص ٨٩٤، والأغاني ٢١/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>