للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لما قدره الل ... هـ من الأمر مردّ

وفي كتاب للهند: لا ينبغي للملتمس من عيشه إلا الكفاف الذي يدفع به الحاجة عن نفسه، وما سوى ذلك فإنما هو زيادة في غمّه.

وقالت الحكماء: أقل الدنيا يكفي، وأكثرها لا يكفي.

وقال أبو ذؤيب: [الكامل]

والنّفس راغبة إذا رغّبتها ... وإذا تردّ إلى قليل تقنع (١)

وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لابنه: يا بنيّ، إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإنها مال لا ينفد، وإياك والطّمع فإنما هو فقر حاضر. وعليك باليأس فإنك لم تيأس من شيء قطّ إلا أغناك الله عنه.

وقال: الغنيّ من استغنى بالله والفقير من افتقر إلى الناس.

قال ابن أبي حازم رحمه الله تعالى: [البسيط]

استغن بالله لا تضرع إلى النّاس ... واقنع بيأس فإن العزّ في الياس

واستغن عن كلّ ذي قربى وذي رحم ... إنّ الغنيّ من استغنى عن الناس

ومن دعاء عمر رضي الله عنه: اللهم، لا تكثر لي من الدنيا فأطغى، ولا تقلّل لي منها فأنسى، فإنّه ما قلّ وكفى، خير ممّا كثر وألهى.

وقالوا: ثمرة القناعة الراحة، وثمرة الحرص التعب.

وقالوا: لا غنى إلا غنى النفس.

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «عندك ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك! لا بقليل تقنع، ولا بكثير تشبع. يا بن آدم، إذا أصبحت آمنا في سربك معافى في بدنك، عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء» (٢).

وقيل لأبي حازم: ما مالك؟ فقال: مالان: الغنى بما في أيدي، واليأس مما في أيدي الناس.

وقيل لآخر: ما مالك؟ فقال: التجمّل في الظاهر والقصد في الباطن.

ومما قيل من الشعر في معنى ما تقدّم، قال محمود الورّاق: [السريع]


(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في الدر ٣/ ١٠٢، وشرح اختيارات المفصل ص ١٦٩٣، وشرح أشعار الهذليين ١/ ٧، وشرح شواهد المغني ١/ ٢٦٢، ومغني اللبيب ١/ ٩٣، وبلا نسبة في همع الهوامع ١/ ٢٠٦.
(٢) أخرجه الأخير من الحديث، الترمذي في الزهد باب ٣٤، وابن ماجة في الزهد باب ٩، بلفظ: «إذا أصبح آمنا في سربه معافى في جسده».

<<  <  ج: ص:  >  >>