يا عائب الفقر ألا تزدجر ... عيب الغنى أكبر لو تعتبر
من شرف الفقر ومن فضله ... على الغنى لو صحّ منك النظر
أنك تعصي الله تبغي الغنى ... وليس تعصي الله كي تفتقر
وقال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر: [الطويل]
ومن سرّه أن لا يرى ما يسوؤه ... فلا يتّخذ شيئا يخاف له فقدا
فإنّ صلاح المرء يرجع كلّه ... فسادا إذا الإنسان جاز به الحدّا
وقال البحتري: [الوافر]
إذا ما كان عندي قوت يوم ... طرحت الهمّ عني يا سعيد
ولم تخطر هموم غد ببالي ... لأن غدا له رزق جديد
وقال ابن طباطبا: [الرمل]
إنّ في نيل المنى وشك الرّدى ... وقياس القصد ضدّ السّرف
كسراج دهنه غمر له ... فإذا غرّقته فيه طفي
وقال آخر: [الكامل]
وإذا نبا بي منزل جاوزته ... واعتضت منه غيره لي منزلا
وإذا غلا شيء عليّ تركته ... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
***
قوله: «ولا بالوعيد ترتدع» أي لا تكفّ عن غيّك ولا ضلالك بما تخوّف به من أهوال الآخرة. دأبك، أي عادتك. الأهواء: جمع هوى، وهو ما تحبّه النفس وتميل إليه. تخبط: تمشي على عماية. العشواء: الناقة التي لا تبصر. تدأب: تداوم الاحتراث:
الكسب. التراث: المال الموروث.
وفي معناه أنه وجد على حائط مكتوبا: ابن آدم غافص (١) الفرصة عند إمكانها، وكل الأمور إلى وليّها، ولا تحلّ في قلبك همّ يوم لم يأت إن يكن من أجلك، يأتك الله برزقك فيه، ولا تجعل سعيك في طلب المال أسوة المغرورين، فربّ جامع لبعل حليلته.
واعلم أن تقتير المرء على نفسه توفير منه على غيره، فالسعيد من اتّعظ بهذه الكلمات.
قال بديع الزمان: [المتقارب]
أيا جامع المال من حلّه ... يبيت ويصبح في ظلّه
سيؤخذ منك غدا كلّه ... وتسأل من بعد عن كلّه
(١) غافص الرجل مغافصة: أخذه على حين غرة.