للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: إنّا معشر قريش، نعدّ الحلم والجود سؤددا، ونعدّ العفاف وإصلاح المال مروءة.

أنوشروان: المروءة ألّا تعمل عملا في السّر تستحيي منه في العلانية. غيره:

المروءة اسم جامع للمحاسن كلها.

وقالوا: المروءة العفّة والحرفة.

قوله: اشرأبّ: تشوّف، والتّشوّف أن تسمع بالشيء وتتطلّع أن تراه، وتمتدّ أن تنظر إليه، يقول: لولا الأفعال الجميلة كان عذر الفطن الحاذق يضيق عليه إذا سئل وقيل له:

قد جاوز مالك قوتك، وفضل عن مئونتك، فلم تجهد في طلب المال، وترغب في الزيادة منه. قال: فالمروءة توسّع عليه عذره، فيقول ذو المروة. إنما اكتسبه لأنفقه في البرّ، وبيّن هذا بقوله: «ثنى نحو الغنى ليتا» واللّيت: صفحة العنق فيقول: إنما ثنى عنقه، وأمالها حبّا في السماح.

وقد سبقه إلى هذا التّهاميّ بقوله: [الطويل]

ولولا العطايا أنّها سنّة له ... لما قال للدّنيا إذا عثرت: لعا

فإن باشر الدنيا فللجود نالها ... وإن هجر الدنيا فعنها ترفّعا

فزاد بقوله: «وإن هجر الدنيا» معنى حسنا.

وقالوا: نعم العون على المروءة المال.

وقال الأحنف بن قيس: [المتقارب]

فلو مدّ سروي بمال كثير ... لجدت وكنت له باذلا (١)

فإن المروءة لا تستطاع ... إذا لم يكن مالها فاضلا

وقال آخر: [البسيط]

لولا شماتة أعداء ذوي حسد ... أو أن أنال بنفع من يرجّيني

لما خطبت إلى الدنيا مطالبها ... ولا بذلت لها عرضي ولا ديني

[البسيط]

***

وما تنشّق نشر الشّكر ذو كرم ... إلّا وأزرى بنشر المسك مفتوتا

والحمد والبخل لم يقض اجتماعهما ... حتى لقد خيل ذا ضبّا وذا حوتا

والسّمح في الناس محبوب خلائقه ... والجامد الكفّ ما ينفكّ ممقوتا


(١) البيتان في البيان والتبيين ٣/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>