للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يفضّلها قوم لعاجلها ... لكنّه عاجل يمضي مع الريح

وقال أشجع في جعفر بن يحيى: [المتقارب]

يريد الملوك مدى جعفر ... ولا يصنعون كما يصنع

وليس بأوسعهم في الغنى ... ولكنّ معروفه أوسع

بداهته مثل تفكيره ... متى تلقه فهو مستجمع

وقال فيه: [الوافر]

بديهته وفكرته سواء ... إذا التبست على النّاس الأمور

وقال إبراهيم بن العبّاس الصوليّ في الفضل بن سهل: [الكامل]

يقضي الأمور على بديهته ... وتريه فكرته عواقبه

فيظلّ يوردها ويصدرها ... فلنعم حاضره وغائبه

ودخل المأمون يوما بعض دواوينه، فرأى غلاما جميل الصورة، على أذنه قلم فقال: من أنت يا غلام؟ فقال: أنا يا أمير المؤمنين الناشئ في دولتك، والمتقلب في نعمتك، والمؤمّل بخدمتك؛ الحسن بن رجاء خادمك. فقال المأمون: أحسنت يا غلام، وبالإحسان في البديهة تفاضلت العقول. ثم أمر أن ترفع مرتبته في الديوان.

***

قوله: «بنزاهته» أي برفعته وبعده من التّهمة بسرقة الشعر. آنس: أبصر استئناسهم:

أنسهم وتركهم الإنكار. طرفة: نظرة، قد طرف طرفا، إذا حرّك جفنيه بعد النظر.

دونكم: إغراء، ومعناه خذوا حذركم واسمعوا. جدّ: تحقّق. البين: الفراق. بنان:

أصابع. الحصر: المنقطع عن الكلام عيّا. ليل؛ أراد به نقابا أسود. صبح: وجه.

أقلّهما: رفعهما. غصن: قد. ضرّست البلّور: الأصابع. الدرر: الأسنان.

والظاهر من سياق هذين البيتين أنه قصد أن يزيدهم استئناسا بأنه غير مدّع في الشعر، ودلّ على هذا ظاهر الكلام قبل البيتين وبعدهما، وهو قد أدرج معنى زائدا في البيت ولم يصرح به لما عليه في ذلك من التقصير عن درجة غيره، وذلك أنه لمّا لم يستوف مقابلة بيت أبي الفرج مرّة ببيتيه المتقدمين، استوفاها في هذا البيت الثاني، لأنه قابل «أمطرت» بساقطت، واللؤلؤ باللؤلؤ، والنرجس بالخاتم، وهما العين والفم، وحمرة الخد بسنا القمر، وبقي عليه زائد من قول أبي الفرج: «وعضت على العنّاب بالبرد» فقابله في هذا البيت بقوله: «وضرّست البلور بالدرر، وجعلها تعضّ على أصابعها وهي بيض، لأنه يصف امرأة شعرت بفراق أحبابها، فتركت الزينة واستعمال الحنّاء، فلمّا حان وقت فراقهم، لبست ثياب الحزن، وأقبلت تودّعهم تلهّفا وتندّما على فراقهم، ووصف الأصابع

<<  <  ج: ص:  >  >>