للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ الصنيعة لا تكون صنيعة ... حتى يصاب بها طريق المصنع (١)

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «صدقت»، وأنشد عبد الله بن جعفر هذا البيت فقال: هذا رجل يريد أن يبخّل الناس؛ أمطر المعروف مطرا، فإن صدفت موضعه فهو الذي قصدت، وإلّا فكنت أحقّ به.

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لا يزهّدنك في المعروف كفر من كفره، فإنه يشكرك عليه من لم تصنعه إليه.

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اصنع المعروف إلى من هو أهله، وإلى من ليس أهله، فإن أصبت أهله فقد أصبت أهله، وإن لم تصب أهله فأنت أهله». وقد قال الحريري بعد هذا: [مجزوء الكامل]

واحفظ صنيعك عنده ... شكر الصنيعة أم غمط

أي لا تفسد معروفك بالمنّ؛ شكره من أنعمت عليه أم كفره. وغمط: ستر. وهو ضد شكر.

قوله اعترضه، أي واجهه وقابله: شؤم: نحس وطيرة، الحنق: الغضب. الظّنة:

التهمة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ثلاث لازمات أمتي: سوء الظن، والحسد والطيرة». قيل:

ما يذهبهنّ؟ قال: «إذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فاستغفر، وإذا تطيرت فامض» (٢).

إعنات: مشقة. هبني: احسبني، اقترفت واجترحت، معناهما اكتسبت. جريرة: جناية.

إبّان أنسك، أي وقت أنسي بك. [مجزوء الكامل]

سامح أخاك إذا خلط ... منه الإساءة بالغلط

وتجاف عن تعنيفه ... إن زاغ يوما أو قسط

واحفظ صنيعك عنده ... شكر الصنيعة أم غمط

وأطعه إن عاصى وهن ... إن عزّ وادن إذا شحط

واقن الوفاء ولو أخلّ ... بما اشترطت وما اشترط

واعلم بأنّك إن طلب ... ت مهذبا رمت الشّطط

من ذا الذي ما ساء قطّ ... ومن له الحسنى فقط

أو ما ترى المحبوب وال ... مكروه لزّا في نمط


(١) البيت ليس في ديوان حسان بن ثابت، وهو بلا نسبة في لسان العرب (صنع)، وتهذيب اللغة ٢/ ٣٩، وتاج العروس (صنع)، وكتاب العين ١/ ٣٠٥.
(٢) رواه ابن الأثير الجزري في الفائق في غريب الحديث ٣/ ١٥٣، بلفظ: «ثلاث لا يسلم أحد منهن: الطيرة والحسد والظن. قيل: فما نصنع؟ قال: إذا تطيّرت فامض، وإذا حسدت فلا تبغ، وإذا ظننت فلا تحقّق».

<<  <  ج: ص:  >  >>