للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعجمت حتّى هاجت لك الأسف، على فقد من سلف. فأبرز رقعة من كمّه، وأقسم بأبيه وأمّه، لقد أنزلها بأعلام المدارس، فما امتازوا عن الأعلام الدّوارس، واستنطق لها أحبار المحابر، فخرسوا ولا خرس سكّان المقابر، فقلت: أرينها فلعلّي أغني فيها، فقال: ما أبعدت في المرام؛ فربّ رمية من غير رام، ثم ناولنيها، فإذا المكتوب فيها:

***

قوله: «أسعى»، أي أمشي مسرعا، أهبّ وأركد: أتحرك وأسكن، أراد أجري وأقف، وأصل الهبوب والركود للربح، يتأوه: يتوجّع ويقول: آه، وهو قول الحزين.

آهة الثكلان: توجّع الفاقد لأحبابه. تهملان: تسيلان، وداء الذئب: هو الجوع، والذئب أصبر السباع على الجوع وأعفّها، وإذا افترس شاة أكل منها شبعة وترك سائرها ولم يرجع إليها، وعافة إن أروح (١) الخوى: خلو الجوف من الطعام.

المذيب: المذهب اللحم والقوى. التعاطي: تناول ما لا تحبّ. ومداخلته: معرفة سرّه. مخاتلته: مخادعته. تحرّقك: توجعك، والبرحاء: الشدّة والمشقّة. طبّا:

حاذقا. آسيا: طبيبا. مواسيا: معينا، والمواساة تكون بالنفس أو بالمال، ويشاكل كلامه قول الشاعر: [الطويل]

ولا بدّ من شكوى إلى ذي مروءة ... يواسيك أو يسليك أو يتوجّع (٢)

افتات: ظلم وجاوز الحدّ. انقراض: انقطاع. دروسه: محوه. أفول: مغيب، وكنى بالأقمار والشموس عن مشاهير العلماء، وبأفولهم عن هلاكهم، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «موت العالم مصيبة لا تجبر، وثلمة لا تسدّ، ونجم طمس، وموت قبيلة أيسر من موت عالم» (٣)، حادثة: نازلة وأمر حدث، نجمت: ظهرت. قضية: قصّة، استعجمت. أشكلت. هاجت: حركت. الأسف:

الحزن. سلف: مات وذهب. أعلام: مشاهير، وأصلها الجبال يستدلّ بها على مجاهيل الأرض. المدارس: جمع مدرسة، وهي المحاضر التي يدرس فيها العلم. امتازوا:

افترقوا. والأعلام الدّوارس: الجبال المقفرة الخالية من الأشجار والعمران. استنطق:

استخبر، وسألهم أن ينطقوا ويجيبوا عنها. أحبار: علماء. خرسوا: سكتوا. أغني: أقرّب وأنفع. المرام: الطلب.

***


(١) أروح: أي أصبحت له رائحة.
(٢) البيت بلا نسبة في تاج العروس (وجع).
(٣) أخرجه بنحوه الدارمي في المقدمة باب ٣٢. بلفظ: «موت العالم ثلمة في الإسلام».

<<  <  ج: ص:  >  >>